رسائل طلاب مصر إلى نخب العجز

مصطفى النجار
مصطفى النجار

آخر تحديث: الجمعة 8 مارس 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

استيقظت مصر على زلزال انتخابى وسياسى عقب بدء المراحل الأولى لانتخابات اتحاد الطلاب فى جامعات مصر ومازالت النتائج تتوالى لتثير مزيدا من الاهتمام والفضول حول هذه التجربة.

 

فاجأتنا نتائج الانتخابات التمهيدية فى جامعات مصر التى أكدت بلا شك أن المعادلة الانتخابية تتغير وأن ماكينة الإخوان الانتخابية قد تعطب اذا وجدت من يواجهها بشجاعة ويتصدى لها، مثلت نتائج الانتخابات الطلابية صفعة على وجوه الهاربين من المواجهة فسارعوا بالتهوين من نتائجها وادعاء أنها حالة خاصة لا يمكن البناء عليها، والحديث عن عدم ربطها بالمشهد السياسى رغم وجود نقاط تطابق وتشابه كثيرة بين المشهد الطلابى والمشهد السياسى.

 

ثمة تقاطعات جمعت بين المشهدين ينبغى التوقف أمامها لاستلهام الدروس والاستفادة من هذه التجربة:

 

أولا: البيئة القانونية والتنظيمية للانتخابات:

 

تمت الانتخابات الطلابية تحت اللائحة المرفوضة من طلاب القوى السياسية والثورية، وصاغ طلاب الإخوان هذه اللائحة بعد انتخابات اتحاد الطلبة فى مارس 2012 وسط مقاطعة أغلب القوى الثورية لها حيث شكل طلاب الإخوان اتحاد طلاب مصر الذى رفضه الطلاب واعتبروه اتحاد طلاب الإخوان وكان من المفارقات المثيرة اشكالية عمل الانتخابات أولا أم وضع اللائحة؟ وكان للإخوان ما أرادوا مثلما حدث فى قضية الدستور أولا أم الانتخابات!

 

وانشغلت القوى الثورية بقضية شرعية اتحاد طلاب مصر وهل هو كيان شرعى أم غير شرعى؟ واستمر الجدل حتى تم اعتماد لائحة الإخوان بداية عام 2013 بعد اجراء بعض تعديلات من قبل المجلس الأعلى للجامعات الذى عزز إحكام سيطرته عبر وضع مواد تربط اللائحة بقانون تنظيم الجامعات وهذا ما كان يرفضه كثير من الطلاب.

 

ودرات نقاشات المشاركة أم المقاطعة وحسمت الأغلبية قرارها بالمشاركة لأسباب عدة منها:

 

1 ــ ادراك أن بناء حركة طلابية مؤثرة سيكون عبر التراكم من خلال التواصل مع الطلاب بشكل مباشر من خلال المساحات المتاحة والعمل على توسيع هذه المساحات.

 

2ــ ادراك أن اخلاء الساحة للإخوان لن يكون مفيدا للحركة الطلابية بل سيعمل على وأد تكوينها وانطلاقها وانعزالها عن دائرة التأثير.

 

3 ــ فهم قيمة وجود أدوات ومسارات ومنافذ للعمل الرسمى بجوار العمل الشعبى غير الرسمى وأثر ذلك على زيادة فرص الانتشار وتمكين الفكرة.

 

4ــ ادراك أن اللائحة المعيبة والبيئة القانونية المرفوضة لن يتم تغييرها إلا عبر امتلاك أدوات التغيير عبر التنافس الانتخابى.

 

كانت هناك مخاوف من تزوير الانتخابات عبر الجهاز الإدارى الجامعى الذين قد يجامل طلاب الإخوان بعد وجود الإخوان فى السلطة وبعد حدوث تغيرات ضمن مسلسل الأخونة لكن قرر الطلاب أن المشاركة هى السبيل الأساسى لمنع التزوير.

 

ثانيا: مضمون الخطاب والوصول للطلاب

 

مثلما يتهم الإخوان المعارضة بعدم الجاهزية وبالخوف من المواجهة الانتخابية كان طلاب الإخوان يتهمون طلاب القوى الثورية والسياسية بذلك، لم يلتفت الطلاب لهذه الاتهامات وإنما قرروا بناء خطاب جماهيرى جديد يقترب من هموم الطالب العادى واهتماماته، توارى الحديث عن العموميات ونقد الإخوان وممارساتهم لصالح الحديث عن أسعار الكتاب الجامعى ومستوى المدن الجامعية المتدنى ومستوى جودة التعليم وميزانية النشاط الطلابى وأوجه انفاقه وعائد ذلك على الطلاب وامتد الخطاب إلى مراجعة العلاقة بين الطالب وهيئة التدريس لتحقيق قدر من التوازن وتم ربط كل ذلك بقانون تنظيم الجامعات الذى يعتبر المؤثر السياسى الأول، نجح هذه الربط الرائع بين هموم الطلاب والسياسة فى رفع نسبة المشاركة وتحفيز الطلاب وكان التركيز على الطلاب غير المسيسين وخلق الاهتمام بداخلهم لدفعهم للمشاركة.

 

•••

ثالثا: بناء التحالفات

 

 بينما فشلت النخب السياسية فى بناء تحالفات فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية نجح الطلاب من مختلف القوى السياسية فى بناء تحالفات واسعة تجاوزت الاختلاف الموجود بينهم وغلبوا المصلحة العليا للوطن على مصالح أحزابهم الضيقة لبناء حركة طلابية حقيقية ومؤثرة، لذلك استطاعوا التقدم على الإخوان وتعطيل ماكينتهم الانتخابية حتى وصل الحال إلى تكرر نسبة صفر للإخوان فى عدد من الكليات والفرق الدراسية بها وهذا زلزال انتخابى ستمتد آثاره فى كل انتخابات قادمة.

 

رابعا: كسر أساطير الرعب الإخوانية ورفض الهزيمة النفسية

 

كل من كان ناشطا طلابيا يعرف حجم العمل الإخوانى داخل الجامعات حيث يعتبر قسم الطلاب داخل جماعة الاخوان معمل التفريخ الأول لتجنيد أعضاء جدد للجماعة وتخصص له الجماعة موارد مالية كبيرة وتوليه كل اهتمام وعناية ويساعد قسم الطلاب أعضاء هيئات التدريس المنتمين للإخوان، وحتى قبل الثورة بقليل لم يكن هناك تواجد قوى لأى قوى سياسية داخل الجامعات سوى للإخوان وبعض المجموعات السلفية التى تعمل على استحياء وبعض النشطاء السياسيين من الحركات الاحتجاجية الذين لا يمكن مقارنة تأثيرهم وحجمهم بحجم الإخوان، وخلال عامين فقط تغير المشهد تماما ووصل إلى ذروته فى هذه الانتخابات الأخيرة، لم ينهزم الطلاب نفسيا ولم يقولوا إن الاخوان سيفوزون فى الانتخابات ويحصلون على الأغلبية شئنا أم أبينا، لم يتهموا الشعب بالجهل وبأنه يبيع أصواته بالزيت والسكر وإنما وصلوا للناس عبر الاهتمام بهمومهم والاقتراب الحقيقى منهم، من يتحدث أن الجامعات تختلف عن المجتمع هو منفصل عن الواقع فالجامعات الحكومية انعكاس لصورة المجتمع بفقرة وأميته السياسية وكل مشاكله التى يحاول البعض جعلها شماعة لفشله.

 

•••

رسالة طلاب مصر إلى نخب العجز والهروب دون تقديم بديل أو بناء حقيقى، نحن قادمون ولن ننسحب، سنغير المشهد بالكامل وسنخوض معركة التغيير عبر التراكم وتوسيع المساحات وتحقيق أهداف الثورة عبر المواجهة والتعلم من أخطاء الماضى، الحقوا بنا قبل أن يتجاوزكم الزمن، فهذا زماننا ونحن قادمون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved