الأزمة مع أمريكا تنتهى قريبًا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 20 فبراير 2012 - 9:05 ص بتوقيت القاهرة

الخلاف المصرى ــ الأمريكى بشأن منظمات المجتمع المدنى سيتم حله قريبا بما يرضى الطرفين. وطبقا لمعلومات شبه أكيدة فإن الحكومة المصرية ستمنح معظم هذه المنظمات الأمريكية والأوروبية تراخيص رسمية تتيح لها ممارسة انشطتها بصورة قانونية.

 

بعد منح التراخيص سيتم الوصول إلى صيغة قانونية تتيح الإفراج عن المتهمين الأمريكيين وغيرهم. والخطوة الثالثة هى إجراء تعديلات على القانون الذى ينظم عمل هذه المنظمات خصوصا لجهة التمويل، والتفريق بين الأنشطة السياسية والأخرى الحقوقية، وبما يسمح للحكومة المصرية من مراقبة عمل هذه المنظمات.

 

لم يعد سرا ان العلاقات المصرية ــ الأمريكية الرسمية وصلت إلى أسوأ مراحلها منذ قيام الثورة، وربما منذ سنوات طويلة، وأن الطرفين مارسا ــ خلال هذه الأزمة ــ سياسة الوصول إلى حافة الهاوية. وبغض النظر عن اتهام البعض للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بافتعال هذه القصة ــ فإنه استفاد منها لحشد المزيد من الرأى العام خلف روايته الرسمية خصوصا فى الأوساط الشعبية والريفية البسيطة.

 

فى الأيام التى تلت اتهام الأمريكيين ومنعهم من السفر ثم لجوئهم إلى سفارة بلادهم بالقاهرة وحتى هذه اللحظة تقاطر على مصر عشرات المبعوثين الأمريكيين السياسيين والأمنيين علنا وسرا وآخرهم يفترض أن يصل اليوم ــ الاثنين ــ وهو السيناتور جون ماكين المرشح الجمهورى الذى خسر سباق الرئاسة أمام باراك أوباما قبل سنوات، ويرأس فى الوقت نفسه المعهد الجمهورى المتهم فرعه بالقاهرة بممارسة أنشطة لا تتفق وكونه منظمة حقوقية معنية بالمجتمع المدنى.

 

ستنتهى الأزمة قريبا وإن كنا لا نعلم تحديدا هل سيمثُل المتهمون الأمريكيون الممنوعون من السفر، أمام المحكمة يوم 26 من فبراير الحالى، أم سيظلون لاجئين داخل سفارة بلادهم فى جاردن سيتى حتى تتم تسوية القضية ويغادرون السفارة إلى بلادهم مباشرة؟!.

 

من حق المصريين خصوصا البسطاء منهم أن يسألوا حكومتهم سؤالا بديهيا هو: إذا كانت التسريبات والتصريحات ونصوص التحقيقات التى نشرتها معظم الصحف صحيحة، وان الأمريكيين تآمروا على الأمن القومى المصرى وحاولوا تقسيم البلاد إلى أربعة أجزاء، فكيف ستتركوهم يغادرون البلاد، وكأن شيئا لم يكن؟!.

 

إذا حدث أن الحكومة تركت الأمريكيين دون أن تبرئهم المحكمة فسنكون أمام سيناريو مأساوى، وحتى عندما تعطيهم صك البراءة ستكون الحكومة مطالبة بأن تقنعنا لماذا صعدت من القضية بهذا الشكل؟!

إذا تم الإفراج عن المتهمين الأمريكيين فإن أمام الحكومة خيارين إحداهما مر، وهو إما أنها كانت تفتعل معركة من أجل صرف الانتباه عما يحدث فى الداخل، أو أنها محقة فى كل ما سربته من معلومات عن هذه المنظمات وبالتالى فعليها أن تعاقبهم لا أن تبرئهم.

 

 السياسة لعبة معقدة وهى ليست حاصل جمع المبادئ والحقوق، بل هى تساوى مصالح كل المشاركين فى اللعبة وما يملكون من أوراق ضغط فقط، وبالتالى فإن ما حدث درس يقول بوضوح إن الطرف الذى يصعد إلى أعلى السلم عليه قبل الصعود أن يعرف الطريقة الملائمة والآمنة للنزول.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved