حوار الدولار والأسعار
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 6:35 م
بتوقيت القاهرة
تصريحات مديرة صندوق النقد الدولى التى أدلت بها الأسبوع الماضى تشير بوضوح إلى أهمية معالجة الاختلالات فى سعر صرف الدولار، وترك تحديد السعر للسوق، أو ما يعرف بآلية العرض والطلب. لا أظن أن هذه التصريحات تحمل جديدا، فهناك أحاديث لا تنتهى فى الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعى حول الدولار وأحواله، وينتظر الناس بشغف حلا لهذه الأزمة التى يتفاقم الوضع الاقتصادى مع استمرارها.
هناك بالتأكيد مضاربات على الدولار. وفى ظل الكسب السريع، تتسابق فئات كثيرة على جنى أرباح من وراء الاتجار فى العملة سواء كانوا من رجال الأعمال، الذين فضلوا الاتجار فى الدولار، والمضاربة عليه، بدلا من العمل المنتج. نفس الأمر ينطبق على فئات من الطبقات الوسطى العليا التى أقبلت على شراء الدولار، والذهب، وبدرجة أقل العقارات، حتى تستطيع الحفاظ على قيمة ما يمتلكون من أموال.
الإشكالية ببساطة، وأنا لست خبيرا فى سوق العملة: هل يتم أولا تغيير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، فى اتجاه الانخفاض بالطبع، وهو ما يشجع على إيداع الدولار بالبنوك، ومن ثم توفره أم ننتظر حتى تأتى تدفقات دولارية تمكن من السيطرة على أى انفلات متوقع فى سعر الدولار إذا تم تخفيض قيمة الجنيه فى ظل شح العملة الصعبة. بالتأكيد الاختيار صعب، كل من الاتجاهين محفوف بالمخاطر. فإذا تم تغيير سعر الصرف دون وجود غطاء دولارى كافٍ، قد يرتفع سعر الدولار إلى معدلات غير مسبوقة، يصعب السيطرة عليها. وإذا جرى الانتظار حتى تأتى تدفقات دولارية مناسبة، فقد لا يكون ذلك فى صالح الاقتصاد الذى بدأ يعانى من تراجع التصنيع، وعدم توافر العملة، وانفلات الأسواق، وغيرها. ويظل السؤال: من أين تأتى التدفقات الدولارية؟ حيث تواجه مصر تحديات كبيرة نتيجة تراجع دخل قناة السويس لاضطراب الملاحة فى البحر الأحمر، واستمرار الحرب فى غزة وتأثيراتها السلبية على السياحة، وانخفاض الاستثمار الأجنبى، ونصيحة مديرة صندوق النقد الدولى بعدم بيع الأصول فى هذه الفترة، فضلا عن تراجع تحويلات المصريين فى الخارج، وتسربها إلى السوق السوداء نظرا لأن سعر الدولار به يقارب ضعف سعر الجنيه، إن لم يزد على الضعف فى بعض الأحيان.
فى هذا المناخ، تضطرب الأسعار، ليس فقط لارتفاع سعر صرف الدولار، ولكن أيضا لقلة المعروض من بعض السلع، فتصبح الأسعار التى نشكو من عدم منطقيتها نتيجة عاملين: ارتفاع سعر الدولار من ناحية، وهو ما يتحمله المستهلك، وقلة المعروض منها مقارنة بارتفاع الطلب عليها من ناحية أخرى، فيرتفع السعر تلقائيا، وهو ما يتحمله المستهلك أيضا.
البداية هى إصلاح سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتوفره فى البنوك عند الطلب، وبعد ذلك سوف تستقر الأسعار، وتعكس السلع فى الأسواق قيمة الجنيه مقابل الدولار، خلاف ذلك ستظل الأسعار غير منطقية، ومضطربة. بالطبع الحكومة فى موقف صعب، فهى التى سوف تتحمل الجانب الأكبر من فاتورة تخفيض قيمة الجنيه، حيث إن الفرق بين السعر الحالى للدولار والسعر المقبل أيا كان، سوف يشكل تحديا للحكومة نفسها التى تعد أكبر مستورد للاحتياجات الأساسية، وسوف يتحمل المواطن بالتأكيد جانبا أيضا من هذا الارتفاع.