من هو رئيس مصر ٢٠١٣؟

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الخميس 31 يناير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

كل الفرقاء يتحدثون عن حماية الثورة واستكمالها، لكن البعض فى سبيل إسقاط محمد مرسى لا يمانع فى التضحية بالثورة وتسليم مصر مرة أخرى لنظام مبارك.

 

إن هناك من يعدون العدة ويمنون النفس بإحراق هذه المرحلة بكل ما فيها، وهدم المعبد على رءوس الجميع لكى تعود مصر إلى ما قبل 25 يناير، وهذا ليس رجما بالغيب أو تعسفا فى قراءة تفاصيل المشهد الراهن.

 

والحاصل أننا نعيش الآن مرحلة زرع الألغام وتفخيخ الأرض، تمهيدا لانفجار كبير تتم عملية صناعته هذه الأيام، خارج مصر وداخلها، بحيث لا تأتى الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، إلا وقد انهدم كل شىء، لتعود الغربان تنعق فى طول البلاد وعرضها، وتحتفل بالانتصار.

 

وحسب روايات متعددة قادمة من خارج مصر فإن خصوم الثورة يحتشدون الآن، ويضخون أموالا بلا طائل لتصنيع حالة من الخراب والانفلات والفوضى فى الداخل، بل إن بعضهم بدأ فى تسريب أنباء عن اقتراب العودة للهيمنة على البلاد والعباد، كنوع من الحرب النفسية الدائرة على قدم وساق، من خلال إشاعة مناخ من الرعب والفزع.

 

وإذا كان هذا منطقيا ومتوقعا من المتربصين الحالمين بالانقضاض، فإن غير المنطقى أن أطرافا استبد بها العمى السياسى فصارت لا تتبين مواقع أقدامها، وبلغت بها الرغبة فى مناوأة الرئيس المنتخب وإزاحة الإخوان حدا لا تدرك فيه أن كل جهدها يصب فى مصلحة أولئك الحالمين بالعودة.

 

غير أن الأكثر مدعاة للدهشة أن يبدو الرئيس وحزبه وجماعته كما لو كانوا مساهمين فى خدمة الثورة المضادة، بهذا الأداء المرتبك المتلعثم فى عديد من الملفات المفتوحة فى مصر الآن.

 

وتكفى معركة الدستور العبثية كدليل على أن تيار الأغلبية يأتى فى صدارة الداعمين لأحلام رموز الثورة المضادة فى الانقضاض السريع، ذلك أنه وعلى الرغم من الإقرار بأن أطرافا من القوة المدنية والليبرالية تسلك على نحو مضاد للوصول إلى حالة من التوافق على مواضع الخلاف والانقسام، فإن المسئولية الأكبر تقع على عاتق أصحاب الغلبة على الجمعية التأسيسية فى مفاقمة الأزمة إلى هذا الحد.

 

ويأتى أداء الحكومة الحالية وكأنه مسخر لدفع الناس دفعا للكفر بالثورة، أو على الأقل وضعها هى و«اللاثورة» فى درجة سواء، إذا تبدو السياسات «أو اللاسياسات» المطبقة أكثر انحيازا ضد الطبقات المنهكة الباحثة عن عدالة اجتماعية كانت الضلع الأهم فى مثلث مطالب ثورة 25 يناير.

 

لقد تحدث الدكتور مرسى مؤخرا عما اسماه «مؤامرة» لنسف هذه المرحلة بكل ما فيها، ملمحا إلى الحاجة لثورة أخرى.. ويبقى أن عليه أن يقدم على خطوات جادة وجديدة لوأد هذه المؤامرة فى أوكارها بالداخل والخارج.. وهذا لن يتحقق إلا بمصارحة الشعب بما يجرى، وهو كثير وخطير.. ومن المفترض أن تكون سيناريوهاته قد وصلت إلى من يهمه الأمر.

 

انتبهوا أيها السيد قبل أن يكون 25 يناير المقبل مأتما للثورة، بدلا من أن يكون عيدا لها.

 

نشر هذا المقال فى ١٢ نوفمبر الماضى وفى الإعادة إفادة أحيانا.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved