سقوط الإعلام فى مذبحة كترمايا - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 2:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سقوط الإعلام فى مذبحة كترمايا

نشر فى : الأحد 2 مايو 2010 - 10:29 ص | آخر تحديث : الأحد 2 مايو 2010 - 10:29 ص

 يمكنك أن تقول ما شئت عن أخطاء وخطايا ارتكبها الأمن اللبنانى فى الجريمة البشعة التى ارتكبها الأهالى الغاضبون بحق مواطن مصرى متهم بتنفيذ مذبحة بشعة أودت بحياة أربعة أفراد.. لكن من السخف والعبث أن يتناول البعض الأمر باعتباره جريمة ارتكبها «اللبنانيون» بحق «مصرى»، فما حدث أن مجموعة من أهالى قرية كترمايا فى جبل لبنان انتزعوا المشتبه به من أفراد الأمن وقتلوه ثم مثلوا بجثته فى مشهد ينتمى إلى عصور الهمجية.

وأظن أن معظم وسائل الإعلام ــ إلا من عصم ربك من الغوغائية ــ قد سقطت سقوطا مهنيا وإنسانيا مدويا فى تغطيتها لما جرى، ذلك أن معظمها استعذب مشاهد الدم والتنكيل بالجثة فتنافست فى عرض الصور على بشاعتها ولا إنسانيتها وكأننا فى سباق دموى مجنون.. دون مراعاة لأية قواعد مهنية أو أخلاقية محترمة.

لكن الأفدح من ذلك أن يسقط البعض فى مستنقع التعميم بمحاولة الإيحاء بأن الشاب تعرض للسحل والتنكيل لكونه مصريا فى لبنان، وكأننا أمام جريمة «قتل على الهوية» وما يستتبعها من كليشيهات سخيفة ومكررة عن سوء معاملة المصريين فى الدول العربية.

ولعل تناول وسائل الإعلام اللبنانية وإدانتها الشديدة لهمجية الجريمة وانتقاداتها العنيفة للأخطاء الجسيمة التى وقع فيها الأمن والقضاء اللبنانيان ما يؤكد أننا بصدد جريمة جنائية لا تشوبها أية شائبة سياسية أو اعتبارات تتعلق بجنسية ضحاياها ومرتكبيها، فلو حدث ما حدث فى أى مكان آخر بصرف النظر عن جنسية الأطراف، ومع هذه الأخطاء القاتلة من جهات التحقيق والضبط لوصلنا إلى النتائج الكارثية ذاتها.

فمن غير المنطقى أن يجرى اقتياد المشتبه به إلى مسرح جريمة بهذه البشاعة قبل صدور اتهام رسمى بشأنه، وقبل صدور نتائج تحليل عينات الدم التى وجدت على ملابسه ومطابقتها بدماء الضحايا، ناهيك عن أنه من الحمق أن يشرف على هذه الخطوة مجموعة لا يزيد عددها عن أصابع اليدين من أفراد الأمن فى قرية تضم 14 ألف شخص مشحونين جميعهم بمشاعر الغضب والرغبة فى الانتقام من الجانى.

غير أن المحزن أكثر أن تدور فصول هذه المذبحة فى لبنان مع ما عرف عنه من أنه وطن يعشق الحياة ويقدسها ونحسبه بقعة ضوء فى ظلمات حضارية دامسة يغرق فيها العرب من المحيط إلى الخليج.
wquandil@shorouknews.com



وائل قنديل كاتب صحفي