واحد من الشفاشقة - بلال فضل - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 6:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

واحد من الشفاشقة

نشر فى : الأحد 2 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 2 يونيو 2013 - 11:30 ص

عرفت موقفه السياسي من نبرة صوته التي تظهر فرحة عارمة مبعثها يقينه أنه دائما على صواب، سألني «إنت ليه ما أعلنتش ندمك على إنتخابك لمرسي؟»، رددت على سؤاله بسؤال «من غير ما أسألك إنت أكيد إنتخبت شفيق في المرحلة الأولى للإنتخابات؟»، قال مندهشا «عرفت إزاي؟»، أجبته «متهيأ لي إنت كمان من الذين يعتقدون منذ اللحظات الأولى للثورة أنها كانت خرابا على مصر وإن عمرنا ما هنعوض أيام حسني مبارك»،

 

أخفى شكوكه بتصعيد نبرة التحدي قائلا «عمري ما إتخدعت إن دي ثورة وطول عمري فلول وأفتخر»، واصلت بهدوء «عظيم وها أنت تحصد نتيجة فعلك ولسه اللي جاي أكتر»، صرخ قائلا «فعلي أنا؟ وأنا مالي»، قلت له «يعني مثلا عندما كان لديك الإختيار بين مرشحين مختلفين لا يتفقون إلا في إعلان إنتماءهم للثورة قررت أن تكون شديد الوضوح وتقوم بإختيار مرشح يعادي الثورة صراحة ولا يعترف بها من أساسه لكي تنهي فيلم الثورة الهابط، مش كده؟».

 

رد وهو يتوق لمعرفة ما سأصل إليه «أظن ده من حقي»، قلت «طبعا وأتمنى لك أن تكون سعيدا بإختيارك، فلو كنت أنت وخمسة ملايين مثلك من الذين اختاروا شفيق في المرحلة الأولى إما كراهية للثورة أو كراهية لنتائجها أو رغبة في إخماد حالتها المقلقة أو إيمانا بأن اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش قررتم أن تتعاملوا مع الثورة ليس بوصفها حدثا يمكن إنهاؤه أو إيقافه، بل تعاملتم معها بإيجابية، واخترتم إختيارا لا يتصادم معها صراحة لما كان حالنا كما هو الآن،

 

إفرض يا سيدي أن يدك كانت ستنقطع لو اختارت مرشحا ثوريا، كان أمامك مثلا إختيار محافظ لرجل دولة مثل عمرو موسى لم يكن يطرح نفسه كبديل صدامي عن الثورة، عندها كنت ستصعب مهمة الإخوان في الوصول إلى الحكم وأنت تعلم قدراتهم التنظيمية وتلاعبهم بشعارات الدين التي ستؤهلهم للوصول إلى المرحلة الثانية للإنتخابات، لكنك قررت أن تسعى لضرب الثورة بإختيار شفيق ليصل إلى المرحلة الثانية فأجبرت كثيرا من المؤمنين بها أن يعصروا الليمون على أنفسهم وينتخبوا مرسي بدلا من أن يساهموا في قتل ثورتهم بأيديهم بإنجاح شخص وصل به العناد أن يجمع حوله رجال جمال مبارك لكي يكونوا في حملته الإنتخابية والإعلامية، فلماذا تلوم هؤلاء الآن على خطأ كنت السبب فيه؟».

 

أكون كذابا لو قلت لك أن منطقي هذا أفحم صاحبنا أو حتى دفعه للتفكير فيما قلته، على العكس فقد دفعه لأن ينفعل مرددا تشكيلة الأفكار التي تدل على أنه «مُقَلِّب» جيد لأزرار الريموت بين برامج التوك شو، أفكار من نوعية «المجلس العسكري سلمنا للإخوان تسليم أهالي أصل في صفقة مع الأمريكان الإنتخابات إتزورت مرسي جاسوس إزاي هربان من السجن يبقى رئيس»، وكلها أفكار يظن هو وغيره أنها تحرج الإخوان أو تضعهم في مزنق، مع أن الإخوان يطربون لها ويستمتعون بها أيما إستمتاع، لأنها تضعهم في صورة المخطط وعاقد الصفقات بينما هم أكثر بؤسا من ذلك، فضلا عن كون تلك الأفكار تفتقد إلى أبسط قواعد المنطق،

 

فإذا كنت تعرف أن مرسي جاسوس وهارب من السجن لماذا لم تعلن رفضك القاطع لأن تخوض الإنتخابات من أول يوم مع جاسوس هارب من السجن، ألم تكن وقتها قد سمعت مكالمته مع الجزيرة بعد خروجه من السجن، ألم تكن تعرف أن الإخوان على علاقة بحماس وأن لديها تنظيما دوليا وعلاقات بقطر؟.

 

وإذا كانت لديك معلومات موثقة عن وجود صفقة مع المجلس العسكري حدث بسببها تزوير للإنتخابات، فلماذا قام مرشحك بتهنئة مرسي بنتيجة الإنتخابات، ولماذا لم يقفل السماعة في وجه أوباما عندما اتصل به عقب إعلان النتيجة ليقول له «خسئت لن تجرؤ على إجباري في الإشتراك في بيع مصر»، ولماذا لم يبدأ معارضته الشرسة للإخوان إلا بعد أن أصروا على المضي في خصومتهم القضائية معه، وهي خصومة لا أدعي أنني على علم بأنه محق أو مخطئ فيها، لأن «الأوراق» وحدها هي التي تحكم للأسف وليس الأمنيات الطيبة أو حتى الشريرة.

 

للأسف، كثير من الذين يكرهون ثورة يناير كراهيتهم للعمى، يعتقدون أن 30 يونيو القادم سيكون فرصة سانحة لتحقيق كل أحلامهم بالتخلص من الإخوان والثورة في ضربة واحدة وإعادة أحمد شفيق إلى كرسي الحكم، لكنهم سيكتشفون إن عاجلا أو آجلا إن إصرارهم على معاندة الأقدار وإعادة عجلة الماضي إلى الوراء، لن يحقق لهم وللبلاد إلا مزيدا من الخراب، لأن الشباب الذي يقود التمرد ضد مرسي لا يفعل ذلك لكي يوصل نسخة معدلة من مبارك إلى حكم مصر،

 

مشكلة هذا الشباب مع مرسي ليست أنه بدقن أو أنه كان مسجونا، بل مشكلتهم معه أنه كذاب ومخلف للوعود، وهو فوق هذا «فكيك» يتصور أنه يمكن أن يفلت بكل هذا الكذب دون حساب، وإذا كنت تتصور أن هذا الشباب الذي يتمرد ويثور ضد الإخوان سواءا في 30 يونيو أو 30 يوليو أو في أي يوم في أي شهر، يفعل ذلك ليسلم البلد لفاسدين أو أنصاف فاسدين أو كارهين للثورة، فأنت تكرر نفس أخطاء قراءة الواقع التي دفعتك للمراهنة على شفيق منذ المرحلة الأولى «عشان نخلص بقى من أم الثورة دي»،

 

دون أن تدرك أن «الثورات ليست شيئا تكرهه أو تحبه، ليست فيلما تخرج منه عندما تحب أو تكتب السيناريو الخاص به كما تريد، الثورات أحداث كونية ضخمة تحدث كرد فعل على أخطاء ظلت تتراكم عبر السنين، وليس أمامك حتى لو كنت تكره الثورة إلا طريق واحد هو أن تحاول فهمها وتتعامل معها بإيجابية عشان تخلص على خير، لأن أي تعامل خاطئ معها سيشعلها من جديد، وإذا كنت تظن أنك يمكن أن تقهرها بسهولة سواءا كنت شفيقيا أو إخوانيا أو مباركيا أو بياديّا، فصدقني كان غيرك أشطر».

 

نكمل غدا بإذن الله.

belalfadl@hotmail.com