الذاكرة المؤسسية والذاكرة الثورية - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 1:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الذاكرة المؤسسية والذاكرة الثورية

نشر فى : الأحد 3 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 3 فبراير 2013 - 8:00 ص

حينما تولى الرئيس محمد مرسى قيادة البلاد، كان محملا ببعض الوعود، سواء التى أطلقها خلال المرحلة الأولى للانتخابات الرئاسية، وهى وعود فى الغالب يطلقها الجميع ولا يلتزمون بها، باعتبارها مجرد تصريحات سياسية وخطابات ملتهبة للتواصل مع الرأى العام أو لحث الناخبين على الذهاب للصناديق وضمان الحصول على اصواتهم، أو الوعود التى اعلن التزامه بها قبل جولة الاعادة فى مواجهة الفريق احمد شفيق، وهى وعود لقوى سياسية بعينها بها من التفاصيل أكثر ما بها من عموميات، وهى وعود كانت أقرب للاتفاق والعهد والوعد، لكن بمجرد إعلان فوزه تنصل من كل ذلك بخفة ورشاقة، بدعم، أو بطلب من جماعته المسيطرة، وهو ما أحدث التهابا فوريا فى الحياة السياسية، خاصة فى مسألة تشكيل حكومة ائتلاف وطنى، وفقا للتعهد المعروف باسم «اتفاق فيرمونت».

 

كان الدافع فى تشكيل الحكومة كما ظهرت، بقيادة الدكتور هشام قنديل وعضوية الكثير من الفلول، ما سمته قيادات فى الجماعة وهى تدافع عن الدكتور هشام قنديل وتبرر لعدم تشكيل حكومة ائتلافية، بضرورة وجود ما أطلقوا عليه «الذاكرة المؤسسية». على اعتبار أن قنديل كان من رجال حكومات مبارك (فى الصف الثانى) ثم وزيرا فى زمن المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وكذلك عدد كبير ممن تشكلت منهم الحكومة، وهى مبررات قد تجد وجاهتها لمن يريد أن يفر من التزاماته وتعهداته.

 

لكن ما شاهدناه وتابعناه، بعد ذلك، يؤكد أن الإخوان قد نسوا أو تناسوا حكاية « الذاكرة المؤسسية»، فمع التعديل الوزارى جاء الجميع بعيدا، عن مجال «الذاكرة المؤسسية»، بل حتى المؤسسات التى تملك ذاكرتها ورجالها وقياداتها، قام الإخوان بفقدانها لوعيها وجاءوا لها بقيادات من خارجها ولا علاقة لهم بهذه المؤسسات ( بداية من شركة المقاولون العرب، وأخيرا الهيئة القومية للأنفاق ) وهى الأمور التى أثرت كثيرا على أداء هذه المؤسسات، وهى كلها أمور تكشف حيلة الجماعة فى الالتفاف على وعود أطلقوها، وأن الهدف هو السيطرة والتمكين، وليس القيادة عبر رجال يعرفون كيف تدار الدولة ومؤسساتها.

 

وبمعنى من معانى السياسة يمكن القبول على مضض أو التغاضى عن فكرة أو حكاية «الذاكرة المؤسسية »، باعتبار أن من فى الحكم له السيادة عما يفعل، ولا نملك سوى حق النقد والاعتراض المدعوم بسوء أداء المؤسسات التى تخلت عن ذاكرتها وقياداتها، أما الأمر الذى لا يمكن قبوله بأى صورة من الصور، أو التغاضى عنه، أن تفقد الجماعة ورجالها ما يجوز أن نسميه

 

«الذاكرة الثورية» والتى تعود إلى الوراء ٢٤ شهرا فقط، فالثورة وقانونها هما الميثاق الذى يجب أن يحكم بحق بين القوى السياسية، والثورة وأحداثها هى المرجعية للجميع، والثورة قامت وثارت عليه لا يصح أن يعود فى أى صورة من الصور أو على أى مستوى من المستويات، واذا تغاضى الإخوان عن « الذاكرة الثورية» المرتبطة بيناير ٢٠١١ فيكونون قد فقدوا كل شرعية وكل سبب للحكم .

 

أما المصيبة الأكبر، فهى أن جماعة الإخوان وقياداتها، فقدوا أيضا « الذاكرة الإخوانية» التى كانت تحمل بعض المواقف الوطنية والسياسية الطيبة، وبعض المبادئ التى كانت قوى سياسية أخرى تتشارك معها فى الدفاع عنها، قوى كانت تدعمها وتسير بجوارها، لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح والطمع والتمكين، فبدت الجماعة كمجهول مغتصب لحقوق أصحاب البلاد وأصحاب سنوات النضال وأصحاب حقوق الدم الذى مازال يسيل برعاية إخوانية فاقدة تماما « للذاكرة الثورية» والتى إذا تذكروها للحظة سيعرفون لماذا ذهب النظام السابق وكيف جاء النظام الحالى ؟.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات