هل ما حدث ثورة حقا؟ - معتز بالله عبد الفتاح - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 12:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل ما حدث ثورة حقا؟

نشر فى : الخميس 3 مارس 2011 - 9:43 ص | آخر تحديث : الخميس 3 مارس 2011 - 9:43 ص

 فكروا معى قليلا. لو تحدثت مع شخص فرنسى وقلت الثورة الفرنسية فستجده يفهم أنك تتحدث عن ثورة 1789، ولو تحدثت مع شخص إنجليزى بشأن الثورة الانجليزية فهو سيفهم أنك تتحدث عن ثورة 1688، ونفس الكلام بشأن الثورة الأمريكية 1776، وهكذا. ومنذ هذه التواريخ لم تشهد هذه البلدان ثورات أخرى.

تعالوا ننتقل إلى مصر، فى آخر 130 سنة شهدت مصر ثورة عرابى 1881، ثم ثورة 1919، ثم ثورة 1952، ثم ما يسمى بثورة التصحيح 1971، مع تغافل ثورتى 1935 و1946، ثم أخيرا ثورة 2005. إذن عمليا شهدت مصر عددا من الثورات بين 5 و7. هل تعلمون ما معنى هذا؟ هذا يعنى أن أيا من هذه الثورات لم تكن ثورة مكتملة، مثل الشخص الذى أقلع عن التدخين 7 مرات فى آخر سنتين. هذا يعنى ببساطة أن محاولاته للإقلاع عن التدخين لم تكن مكتملة أى كانت محاولات فاشلة. وهذا ما يمكن قوله بشأن «ثوراتنا» هى لم تكن مكتملة وقد تكون حققت بعض نجاحات دون غيرها بدليل أننا احتجنا إلى أن نثور بعدها.

الأصل فى الأمور أن الثورة حدث استثنائى يحدث مرة واحدة كل بضعة قرون وليس بضعة عقود. والثورة الناجحة تلغى أسباب الحاجة لثورات أخرى بعدها لسبب بسيط وهى أنها تنتج مؤسسات وآليات لتجميع المصالح وتمثيل الجماهير والتعبير عن الآراء بحيث لا نحتاج لاحتلال الميادين وقتل المتظاهرين واستدعاء الجيوش. لا مجال للحديث عن أن «الشعب يريد إسقاط النظام» لأن النظام ناجح وفعال، قادر وخلاق، قوى ومرن بحيث يستجيب لمطالب الأغلبية الكاسحة من المواطنين.

إذن ما الذى نستنتجه من كل ما سبق؟

أرجوكم أعطوا هذه الثورة فرصة كى تكتمل. لا أريد أن أرى ابنتى تخرج فى الشارع بعد 20 سنة مطالبة بإسقاط النظام ويضطر الرئيس وابنه ووزير داخليته حينئذ لقتلها أو اعتقالها هو أو أى من زملائها. وعلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بحكم كل ما له عندنا من تقدير واحترام، أن يأخذ مطالب الثائرين بكل تقدير واحترام واستجابة فورية حتى لا تكون التكلفة فوق ما نطيق أو نريد.

وعلى القوى السياسية المختلفة ألا تحول حياتنا إلى ساحة للمطالب المتعارضة (مثل شعارات إسلامية ــ إسلامية فى مقابل علمانية ــ علمانية) بما يفضى إلى منطق «إما الآن، وإما لا» أو «إما كل المطالب، وإما لا». وأرجو أن يكون الجانب الثقافى كذلك حاضرا فى بنية هذه الثورة. وعلى هذا فلابد أن تقوم أجهزة الإعلام بتخصيص برامج تثقيفية لتوضيح مخاطر ديمقراطية بلا ليبرالية، وتوضيح الفروق الدقيقة والمهمة بين النظم الانتخابية المختلفة وبين أنماط الأحزاب وكيفية المفاضلة بينها وأسس المفاضلة بين المرشحين فى الانتخابات، وكيف أدت نظم انتخاباتنا الماضية وطريقة تصويت بعضنا السابقة إلى كوارث ندفع فاتورتها الآن.

أرجوكم، نريد ثورة واحدة مكتملة، وإلا سنعود «لنثور» مرة أخرى بعد سنوات قليلة أو طويلة. أرجو ألا يكون هناك من أصابه بعض الملل أو شىء من الضرر من هذه الثورة فقرر أن يتظاهر ضدها أو يلعن أصحابها.

على الشباب أن يستمروا فى التظاهر فقط يوم الجمعة من كل أسبوع، فهذا هو الغطاء الشرعى لعمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة كى تستجيب لمطالب المتظاهرين، وللنائب العام والجهاز المركزى للمحاسبات للاستمرار فى دورهما الرائع فى محاسبة الكبير والصغير على ما اقترفوه فى حق الوطن من جرائم تصل لحد قتل وطن مع سبق الإصرار والترصد، وهم يحاولون إقناعنا بأنهم يحسنون صنعا.

معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميشجان، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميشجان المركزية في الولايات المتحدة. حصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة وماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الولايات المتحدة. كما عمل في عدد من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة ومصر، له ثمانية كتب والعديد من المقالات الأكاديمية منشورة باللغتين الإنجليزية والعربية.
التعليقات