هذا إذن ما انتهينا إليه بعد عامين من الثورة: رئيس بلا طلّة ولا قدرة ولا رؤية، يشعرك بالخجل والإهانة كلما غدا أو راح، ويدفعك لأن تردد بأسى: حسبنا الله ونعم الوكيل، مصر تستحق أفضل من هذا بكثير.
بعد ثمانية شهور من حكم مرسى، هل مازال عندك شك فى أن هذا الرئيس الذى جاء بإرادة عاصرى الليمون، وبفارق ضئيل جدا عن منافسه لا يتجاوز 2%، هو طرف أصيل فى المشكلة ولن يكون أبدا جزءا من حلها؟.
هذا الرجل فعلا كما قال فى حديثه المأساوى لعمرو الليثى «يرى ما لا يراه الناس»، لأنه ببساطة يرى بعين مرشده ويسمع بأذن إرشاده ويشعر بقلب شاطره، وهو ماض فى مخطط «بديعه» بصرف النظر عما يجرى حوله...
تشتعل النفوس بالغضب من فشل حكومته وسوء أدائها وتخبطها وعجزها عن حل مشكلة واحدة مما يعانيه الناس، فيصر على بقائها ويثنى على قدراتها وتميزها.. يجمع القضاة وأعضاء النيابة على ضرورة إقالة النائب العام، فيرد بأنه لا يملك إقالته بحكم الدستور، وكأننا لا نعرف كم أهان هو الدستور والقضاء والقانون.. تغلى النفوس بالغضب من تدخلات جماعته ورغباتهم المحمومة فى السيطرة على مفاصل الدولة وتمكين أعضائها من أجهزتها ووزاراتها، فيمعن فى الاستجابة لرغباتهم الشرهة فى الاستحواذ والسيطرة والاستعلاء.. تجتاح المدن موجات من العصيان والاضطرابات والصدامات والحرائق احتجاجا عليه وعلى جماعته وحكومته، فيرد بالإعلان عن الانتخابات البرلمانية التى تخوضها جماعته ضد أقاربها، وإصراره على استكمال مدته الرئاسية باعتباره الرئيس المنتخب.
مرسى لا يفعل ذلك اعتباطا، هو يسير فى مخطط التمكين كما رسمه الإرشاد، لكنهم يطلقون على المخطط مسمى آخر أكثر لطفا من باب التدليس والمناورة: «استكمال بناء مؤسسات الدولة».
يظن مرسى أن استقرار مصر فى تمكين الجماعة، والحقيقة أنه يدق المسمار الأخير فى نعش الجماعة ويعجّل برحيلها ورحيله، وعليه أن يقرأ جيدا مغزى جمع التوكيلات لإقالته وتكليف وزير الدفاع بحكم مصر، وهو إجراء اتبعه المصريون أيام الاحتلال الانجليزى ليقولوا للمحتل إن الوفد هو ممثل الأمة، وأن سعد زغلول هو زعيمها المكلف بتنفيذ مطالبها المشروعة فى الاستقلال والدستور، أى أن قطاعا واسعا ومتزايدا من المصريين يعتبرون حكم الإخوان احتلالا، ومرسى هو المعتمد البريطانى.
الداعون إلى عودة الجيش فى الحقيقة يطلبون حمايته لا حكمه، فلا أحد بما فيها قيادات الجيش نفسها بعد كل ما عانته من بذاءات وإهانات على مدى عامين يطالب بحكم العسكر، لكن الناس تستشعر خطر الجماعة على مؤسسات الدولة ومعنى الوطن، ويعرفون أن الاستسلام لمقولة «من جاء بالصندوق يرحل بالصندوق» هى قولة حق يراد بها باطل، لأن 4 سنوات تحت حكم مرسى والجماعة كافية لطمس معالم الدولة المصرية والإجهاز على مؤسساتها، وتحويل الانتخابات والصندوق إلى لعبة تتلهى بها الجماعة ورفقائها.
لا أمل فى الإصلاح ما بقى مرسى، ولا حل سوى انتخابات رئاسية مبكرة، هذا الرجل يقود البلاد إلى حرب أهلية، وكما يعرف الشاطر عن ميليشياته، لابد أن مخابراته تعرف أن السلاح صار الآن كالمحمول... فى يد الجميع.