الأساطير الثمانى للانتخابات الرئاسية - علاء عبدالعزيز - بوابة الشروق
الأربعاء 25 سبتمبر 2024 7:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأساطير الثمانى للانتخابات الرئاسية

نشر فى : السبت 5 مايو 2012 - 8:10 ص | آخر تحديث : السبت 5 مايو 2012 - 8:10 ص

المرشحون أولًا

 

فى مصر كما فى معظم دول العالم يحلو للمراقبين تحليل الانتخابات الرئاسية (سواء الحملات أو النتائج) من منظور نجومية المرشحين، سواء تأسست تلك النجومية على تماسك وشمول البرنامج الانتخابى للمرشح، أو سماته الشخصية وحدود ما يملكه من كاريزما، أو قدرته على تعبئة موارد مالية لحملته، أو مواهبه فى التعامل مع وسائل الاعلام، أو مكانته القيادية على رأس حزب له جماهيريته.. إلخ. وتلك بالتأكيد عوامل لها وزنها فى تغليب مرشح على آخر فى سباق الانتخابات الرئاسية، على أن العامل الحاسم فى تقرير من يخسر ومن يفوز ــ بافتراض نزاهة وحسن تنظيم العملية الانتخابية ــ يبقى رهنا بتكوين وسلوك عموم المواطنين الذين يشكلون الهيئة الناخبة، وهى الفئة التى تتعامل معها أغلب وسائل الاعلام (بل وبعض المرشحين) باعتبارها مجرد كومبارس فى المشهد الانتخابى لا تستحق أن يتصدر اسمها أفيشات الحملات.

 

تطابق قاعدة الناخبين مع الهيئة الناخبة

 

وعندما يشرع المرء فى النظر الى جموع الناخبين محاولا البدء بالتعرف على عددهم سيقال له إن واحدا من انجازات ثورة 25 يناير هو توحيد قاعدة الناخبين (كل من بلغ سن الثامنة عشرة ويتمتع بمباشرة حقوقه السياسية) مع الهيئة الناخبة (من لهم حق التصويت فعليا) وذلك بفضل الاعتماد على بطاقة الرقم القومى بدلا من البطاقة الانتخابية فى التصويت، ويستنتجون من ذلك أن العدد الإجمالى للهيئة الناخبة فى مصر يقدر بـ50.2 مليون نسمة. وتلك بالتأكيد معلومة مضللة، فإذا اخذنا بعين الاعتبار أن نحو خمس من بلغوا الثامنة عشرة ويتمتعون بمباشرة حقوقهم السياسية لم يستخرجوا بعد بطاقات الرقم القومى، فإن معنى ذلك أن ثمة فجوة قوامها نحو عشرة ملايين نسمة بين قاعدة الناخبين والهيئة الناخبة، وبالتالى فإن من لهم الحق فى اختيار رئيس مصر القادم لا يشكلون 62% من عدد السكان بل أقل من 50% منهم.

 

تساوى الوزن النسبى للريف والحضر

 

عندما أشارت استطلاعات الرأى المتتالية التى تجريها مراكز الأبحاث المصرية الى أن بعض المرشحين تتركز دوائر دعمهم فى الريف مقابل مرشحين آخرين تكمن قوة مناصريهم فى المراكز الحضرية، ذكر المحللون أن تلك مسألة لا ترتب ميزة لمرشح فى مواجهة الآخر استنادا الى التقارب الشديد بين عدد سكان الريف والحضر على مستوى عموم الوطن. على أن الواقع يشير الى أن ثنائية الريف والحضر ستكون حاضرة ومؤثرة فى نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، ذلك أن الوزن الانتخابى للريف فى مقابل الحضر لا يقاس بعدد سكان كل منهما، بل بخريطة توزيع قاعدة الناخبين والهيئة الناخبة على مستوى الجمهورية، وتشير تلك الخريطة الى أن ثلاث محافظات ذات طبيعة حضرية غالبة (القاهرة والاسكندرية والجيزة) تحوز عددا من الناخبين يقارب ما تحوزه 17 محافظة أخرى موزعة بين الوجهين القبلى والبحرى وخارجهما. وهو ما يعنى أن المرشح الذى يمتلك تأييدا أوسع فى المراكز الحضرية سيكون الأقدر على حشد الكتلة الحرجة من الأصوات التى تزيد من فرصه فى الفوز.

 

ارتفاع معدل التصويت فى الريف عن الحضر

 

من الأوهام الشائعة فى الانتخابات المصرية تصور أن أهلنا فى الريف أقل وعيا بالسياسة وأكثر خضوعا للعصبيات وذوى النفوذ الذين يسوقونهم لمراكز الاقتراع زرافات، ويتأسس هذا الوهم على تصور خاطئ مفاده زيادة معدل التصويت فى الريف عن الحضر، وكأن المرشح المفضل ريفيا يفوق منافسه ذو الغلبة الحضرية حكما. ولا يلتفت هؤلاء إلى أن انتخابات مجلس الشعب التى أجريت فى الفترة من نوفمبر 2011 حتى يناير 2012 قد بددت هذا الوهم فى ضوء ما شهدته من تزايد نسب التصويت فى بعض المحافظات ذات الغلبة الريفية على نظيرتها الحضرية (الشرقية مقابل الإسماعيلية مثلا)، وتضاؤل معدلات التصويت فى الريف مقارنة بالحضر فى حالات أخرى (المنوفية مقابل القاهرة مثلا) الأمر الذى يستفاد منه أن كثافة التصويت أصبحت أكثر ارتباطا بالعوامل السياسية وأقل تعبيرا عن الجغرافيا البشرية.

 

تماثل السلوك الانتخابى فى الانتخابات التشريعية والرئاسية

 

على أن القياس الأخير على تجربة الانتخابات البرلمانية لا ينبغى أن يقود الى افتراض تماثل السلوك الانتخابى فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ولنعط هنا مثالا محددا: عندما يصمم حزب ما حملته الانتخابية لمجلس الشعب فإنه يعطى لمحافظة سوهاج نصيبا من الاهتمام (الدعاية والانفاق والتواصل مع الناخبين..) يماثل حجم الاهتمام بمحافظة الجيزة، ذلك أن لكل من المحافظتين عدد متساو من المقاعد فى مجلس الشعب (30 مقعدا)، أما فى الانتخابات الرئاسية فإن هذا الحزب ذاته سيحشد لمرشحه فى الجيزة اهتماما يفوق بوضوح ما سيكرسه له فى سوهاج ادراكا منه لحقيقة أن مجموع الهيئة الناخبة فى الجيزة يقارب ضعف مثيلتها فى سوهاج.

 

   المرأة.. كلمة السر

 

يستند البعض الى حقيقة الدور المحورى الذى لعبته المرأة المصرية فى ثورة يناير وما قدمته من بطولات وشهداء ومصابين لاستنتاج أنها كذلك ستمارس دورا حاسما فى ترجيح كفة مرشح رئاسى على آخر، ولم لا والاحصاءات تشير الى أن 47% من قاعدة الناخبين هم من الإناث؟ ويتناسى هؤلاء أن المرأة المصرية أثبتت دوما أنها من الوعى بحيث لا يحكم تصويتها الحدود الضيقة للانتماء النوعى، فمن بين 984 مرشحة فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة لم ينجح إلا تسع مرشحات. وهو ما يثبت أن الصوت النسائى فى الانتخابات المصرية لا يمكن حشده على أسس نوعية تقوم على افتراض ساذج بأن الانتماء إلى دنيا الأنوثة يرسم بحد ذاته السلوك التصويتى للمرأة.

 

 الاستقلالية النسبية للمرشح / الرئيس

 

خدعوك فقالوا إن رئيس مصر القادم سيكون رئيسا لكل المصريين، للغنى كما للفقير، للعلمانى كما للاسلامى، للاشتراكى كما للرأسمالى، للنوبى كما للسيناوى كما للقاهرى، تلك الاستقلالية المتخيلة للرئيس القادم تعدا شركا لا يجوز الوقوع فى حبائله. فالمرشح / الرئيس لا يمكن فصله عن المصالح الطبقية التى تشكل رافعته للمنصب تماما كما يمثل هو رأس الحربة لحمايتها، وبعبارة أوضح فإن المرشح المليونير أو الذى يستند الى دعم رجال الأعمال سيكون رئيسا لجمهورية الأثرياء، بينما المرشح الذى يذهب الى محل عمله مستخدما الميكروباص لأنه أفقر من أن يشترى سيارة سيكون على الأرجح رئيسا لجمهورية الكادحين.

 

الداخل وليس الخارج

 

المغرمون بمتابعة الانتخابات الأمريكية واسقاط دلالاتها على الحالة المصرية يحلو لهم تنبيهنا إلى أن الناخب المصرى سيختار رئيسه القادم على أساس القضايا الداخلية الملحة (توفير الوظائف، تحسين الدخول، ترقية الرعاية الصحية، احترام حقوق الإنسان) وليس على أساس موقف المرشح من المسائل الدولية التى لا يوليها الناخب أولوية تذكر. ويغفل هؤلاء أن هذا الناخب (الذى لا يقدرونه حق قدره) يدرك جيدا بفطرته أن تعاظم المكانة الإقليمية لبلده ينعكس بالايجاب على مستوى معيشته، وأن سياسة خارجية رعناء تؤدى الى توريط البلاد فى مواجهة عسكرية غير محسوبة تؤثر بالسلب على لقمة عيشه. يغفل هؤلاء أنهم إزاء ناخب يدرك جيدا أن لا انفصال بين السياستين الداخلية والخارجية عندما يتعلق الأمر بدولة فى حجم مصر.

التعليقات