دبلوماسية البث المباشر - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 15 أبريل 2025 12:44 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

دبلوماسية البث المباشر

نشر فى : الأربعاء 5 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 5 يونيو 2013 - 8:00 ص

لا أعرف من هو العبقرى أو العبقرية صاحب فكرة إذاعة اجتماع رئيس الجمهورية وقادة الأحزاب والقوى السياسية بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبى على الهواء مباشرة ظهر الاثنين الماضى؟!.

 

قد يتطوع بعض أنصار الرئيس وحوارييه إلى القول إنها الشفافية التى يحرصون على شيوعها فى المجتمع، بل ويتباهون بأنهم اصحاب الاختراع الجديد وهو «دبلوماسية البث المباشر».

 

السؤال المنطقى هو: ما الهدف من هذا الاجتماع؟.

 

المنطقى أن الرئيس دعا قادة الأحزاب السياسية المؤيدة والمعارضة و«بين البين» ليستمع إلى أفكارهم وتصوراتهم ومقترحاتهم لمواجهة السد وتأثيراته على حصتنا من مياه النيل.

 

إذن فالمفروض أن الرئيس يريد أن يستمع إلى أفكار وخطط وبرامج ومقترحات محددة وليس إلى وعظ وخطب عصماء على غرار ما حدث يوم الاحتفال بالجمعيات الأهلية قبل اسبوع.

 

معنى ذلك ان أبسط القواعد ان تكون الجلسة سرية، أو يسمح لكاميرا مؤسسة الرئاسة بتسجيل اللقاء ثم إذاعته فى وقت لاحق أو عمل مونتاج له.

 

فى مثل هذه اللقاءات المنطقى ان كل سياسى يريد أن يتكلم على راحته، وفى هذا الصدد فالطبيعى أن يكون الكلام مرتبطا بتحركات عسكرية أو أعمال ذات صلة بالمخابرات أو وسائل الردع أو حتى تحركات سياسية غير معلن عنها وبالتالى تكون كلها سرية.

 

المفاجأة ان كل العالم المهتم بالأزمة فوجئ بأن الجلسة السرية مذاعة على الهواء مباشرة، ورأينا رئيس حزب يطالب بتحريك طائرات إلى إثيوبيا، وآخر يطالب بتحريك قطع بحرية إلى باب المندب ورابع بإرسال قوات كوماندوز لتفجير السد قبل ان يكتمل، وخامس إلى إرسال وزير الدفاع لتفقد الحدود السودانية الإثيوبية، وسادس يدعو إلى التدخل فى الشأن الداخلى الإثيوبى، وسابع إلى إرسال المخابرات.

 

المؤكد ان كل الأجهزة الإثيوبية من مخابرات إلى سفارة كانت تضرب أخماسا فى أسداس لمعرفة تفاصيل الاجتماع، لكن العبقرى الذى أمر بإذاعته على الهواء وفر لها خدمة مجانية عظيمة لا تقدر بثمن وجعلها تعرف كيف تفكر الدولة المصرية بأحزابها المؤيدة والمعارضة ولم يكن ينقصنا الا ان تكون هناك ترجمة فورية إلى الامهرية والانجليزية.

 

للحظة شككت ان صاحب فكرة الإذاعة على الهواء كان شيطانيا بمعنى أنه أراد أن تصل مثل هذه التهديدات إلى الجانب الإثيوبى مباشرة ليعرف ان الشارع بكل قواه مع استخدام القوة ضد أديس أبابا إذا فشلت التحركات السلمية، فى حين أكد الرئيس فى نهاية اللقاء أن مصر لن تلجأ إلى القوة وتحترم خيارات أفريقيا التنموية. وحتى إذا صح ذلك فانه ينتمى إلى مدرسة موغلة فى القدم، وعفا عليها الزمن تماما فى ممارسة الدبلوماسية.

 

فى السادسة مساء الاثنين قلت فى «الجزيرة مباشر» ان الذين قاطعوا اللقاء من السياسيين أخطأوا خطأ كبيرا لان الأمر يتجاوز الخصومات السياسية ويتعلق بأمن مصر القومى.

 

لم أكن قد شاهدت اللقاء لكن بعد أن شاهدته مسجلا واستمعت إلى كلمات غالبية المتحدثين فقد وجب على أن أتقدم باعتذار إلى الذين انتقدتهم من المقاطعين.

 

هل ننتظر توضيحا وتحقيقا فى هذا الاهمال وعقابا للمسئول ام اننا بصدد مجموعة من الهواة يديرون أمور هذا البلد، وبالتالى فعلينا أن نضع ايدينا على قلوبنا تحسبا لما هو قادم من كوارث.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي