صنع يديك - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 27 سبتمبر 2024 12:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صنع يديك

نشر فى : الخميس 6 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 6 يونيو 2013 - 8:00 ص

الأرجح أن الرئيس مرسى سيجتهد كثيرا لاحتواء تداعيات الحكم القضائى فى قضية التمويل الأجنبى للمنظمات الأجنبية العاملة فى مصر. الأحكام طالت عددا كبيرا من المصريين والأجانب من رعايا دول كبرى لها تاريخ فى العمل داخل مصر فى مجالات متعددة تنموية وبيئية وأيضا فى التنمية السياسية.

 

ألمانيا غاضبة واتخذت اجراءات للتعبير عن غضبها دبلوماسيا. النرويج مندهشة. الولايات المتحدة تفتش فى دفاتر الصفقات القديمة. ظنت أن إخلاء سبيل مواطنيها وتسفيرهم بتفاهمات مع الغالبية البرلمانية حينها، ومع المجلس العسكرى أغلق ملف القضية.

 

غضب هذه الدول لابد من احتوائه سياسيا. ليس فقط للحفاظ على العلاقات. أو خوفا من امتداد الغضب الأمريكى تحديدا إلى ملفات سياسية أخرى. ولكن لأن هذه الدول شركاء حقيقيون لمصر. دعك من الولايات المتحدة وانظر نظرة دقيقة على مساهمات المنظمات الألمانية والنرويجية فى مصر فى مشروعات كثيرة من البيئة إلى تطوير العشوائيات إلى المنح التدريبية والتعليمية، إلى تمويل برامج تطوير وتحديث التعليم الفنى، وغيرها كثيرا استثمرت فيه هذه الدول مليارات الدولارات على مدار العقود الثلاثة السابقة، ناهيك عن المعونات المباشرة.

 

من السهل على الرئيس مرسى أن يحتوى هذا الغضب. وأن يشرح موقف الدولة المصرية من الحكم والقضية برمتها. فقط عليه أن يقول إن هذا حكم القضاء. والدولة لا تتدخل فى إجراءات سير العدالة. وتحترم القضاء والقضاة لأنهم يحكمون بضمائرهم. وتنفذ أحكامهم باعتراف واجب بقدسيتها.

 

هذا كلام نظرى كما تعرف. لكن لن يصدقه الغربيون لأن باستطاعتهم أن يجلبوا للرئيس مرسى عشرات المقاطع المصورة التى يظهر فيها يهدد القضاء ويطعن فى شرفه ونزاهته واستقلاله. سيجلبون له مئات المقابلات لقادة حزبه وجماعته وتياره يهيلون التراب على القضاء والقضاة. وسيرددون معه الأغانى التى صاغها ولحنها مؤيدوه عن القضاء الفاسد.

 

لا أحد سيصدق الرئيس مرسى أن الدولة لا تتدخل فى أعمال القضاء. لأن هناك عشرات الأمثلة أمامهم لتدخلات حكومية فى أعمال القضاء بدءا من الإعلان الدستورى الذى حاول من خلاله الرئيس شل القضاء والقضاة، وحتى محاولة إعادة مجلس الشعب بالرغم من حكم قضائى، وتعيين نائب عام وزرعه قسرا بما هدد بانقسام السلطة القضائية والايحاء الدائم أنه نائب خاص ينفذ التعليمات السياسية، إلى حصار المحاكم بمباركة رئيس الدولة نفسه.

 

لا أحد سيصدق الرئيس مرسى اليوم إن قال إنه يحترم أحكام القضاء، لأن الأوروبيين باستطاعتهم أن يضعوا أمامه عشرات الأحكام التى لا ينفذها هو ومؤسسات الحكم المختلفة التى تأتمر بأمره ويمارس عليها نفوذه الرئاسى، ومؤسسة تشريعية تملك قرارها أغلبية حزبه وجماعته.

 

من مصلحة الرئيس مرسى أن يتحدث اليوم بفخر عن القضاء الشامخ حصن العدالة وقدس الأقداس، وعن القضاة الأطهار، وعن الدولة المحايدة التى لا تملك ولا تجرؤ ولا تستطيع أن تتدخل فى حكم قضائى أو تعبث بمسارات العدالة.

 

لكن الرئيس يعرف أن أحدا لن يصدقه. لأنه أول شهودهم على إدانة القضاء واتهامه بالتسييس. وهو لم يقدم دليلا واحدا على أن الدولة تحت رئاسته تسعى لاستقلال حقيقى للقضاء.

 

كيف تلوم العواصم الثلاث عندما تحدثك عن الحكم القضائى المسيس؟ صنع يديك ينفجر فى وجهك يا سيادة الرئيس.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات