الثورة مستمرة - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الأربعاء 25 سبتمبر 2024 9:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثورة مستمرة

نشر فى : الأحد 8 يناير 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الأحد 8 يناير 2012 - 9:05 ص

تستطيع أن تقرأ بعناية ما حدث ليلة عيد الميلاد، ربما تجد إجابات حقيقية لعلامات استفهام كثيرة تشتعل فى رأسك، الأرجح أن فى مقدمتها السؤال الحاكم: هل نجحت الثورة؟

 

قبل أن أجيبك على هذا السؤال سأعود معك إلى ليلة عيد الميلاد، الاحتفال المركزى فى كاتدرائية العباسية، واحتفالات الكنائس المختلفة فى ربوع مصر، ربما تجد مشهدا يبدو رومانسيا تظهر فيه صور الشيخ عماد عفت شهيد أحداث «مجلس الوزراء» إلى جوار مينا دانيال شهيد «ماسبيرو» ومعهما الشاب السلفى سيد بلال، والشابة مريم فكرى شهيدى كنيسة القديسين، الأول ذهب مُعذبا بتهمتها، والثانية راحت فى قلب التفجير مع غيرها.

 

هذا مشهد لافت، وخروجه من داخل الكنيسة تأكيد على أن قضية الظلم والاضطهاد لم تكن يوما مسألة دينية أو طائفية، ربما تمثل الطائفية إحدى صورها المقيتة، لكن الاستبداد كما قال المتندرون المصريون «موحد الأديان».

 

وفى مقابل ذلك كان التيار الرئيسى فى حركة الإسلام الأيدلوجى حاضرا فى القداس، أنت فى لحظة تعاطى حقيقية مع الواقع السياسى، أنت فى لحظة يمارس فيها فصيل من الإسلاميين الفصل بين الدين والسياسة بكل تجلياتها، فأمام فتاوى غامرة تتحدث عن الاختلافات العقائدية، وحرمة حضور الطقوس، كان سياسيون محترفون ينتمون للتيار الإسلامى يخالفون ذلك، لأنهم ببساطة اختاروا السياسة، وفى اللحظة التى اختاروا فيها ذلك بات لزاما عليهم التعاطى مع المجتمع كمصريين يتواصلون مع كل المصريين، ويؤمنون أن مقاصد الدين أبعد نظرا من فهم المتشددين، وأن صحة الأوطان فى ذاتها فضيلة دينية تُقدم على غيرها.

 

فى تلك الليلة أيضا كان واضحا أمامك كيف يفكر الجنرالات؟ يكفى أن تشاهد اللواء حمدى بدين قائد الشرطة العسكرية ضمن وفد المجلس العسكرى الذى ذهب لتقديم التهنئة وحضور القداس، لتعرف أن الجنرالات غير مكترثين بالرأى العام، قد يكون بدين فى نظرهم برىء ويؤدى واجبه بكفاءة، لكنه وسط جموع الأقباط يمثل اتهاما واضحا وجرح لم يندمل، هو متهم فى أحداث ماسبيرو التى راح ضحيتها زينة من شباب مصر الأقباط، واختياره فى هذا الوفد إذا كان غير مقصود فهو يدل على كفاءة سياسية متردية وفشل فى التفكير بالمنطق السياسى، وإذا كانت مقصودة فهى تعبر عن استفزاز غير مبرر واستعلاء استبدادى لم يعد يجدى مع شعوب عرفت طريقها للحرية.

 

فى تلك الليلة كذلك كان البطريرك كما كان طوال عشرات السنوات، يميل للسلطة وكأنها المظلة الوحيدة للحماية، يحاول احتواء الجموع ليفرض عليهم عزلا إراديا عن المجتمع، يتفاوض باسمهم ويقايض، يزرع فى داخلهم عُقد الاضطهاد حتى يتقهقروا خلف أسوار كنيسته بلا مقاومة أو تأوه معلن، لكن خطابه المرحب بالعسكر، ووجود بدين وأصحابه، لم يردع الشعب الذى رأى الحق حقا وواصل اتباعه، فخرج الهتاف داخل الكاتدرائية مقاطعا ثناءات ومديح البطريرك، ليسمع الجنرالات المطالبات بسقوطهم، وليعلو شعار: «جوه كنيسة أو فى الأزهر.. يسقط يسقط حكم العسكر».

 

أعود معك إلى السؤال المتقدم: هل نجحت الثورة؟ والحقيقة أننى لا أملك القطع بإجابة.. لكن ما أستطيع قوله أن ليلة عيد الميلاد أثبتت أنها مستمرة.

 

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات