آه يا بلدنا.. يا وسية - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 29 نوفمبر 2024 12:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

آه يا بلدنا.. يا وسية

نشر فى : الخميس 8 ديسمبر 2011 - 9:45 ص | آخر تحديث : الخميس 8 ديسمبر 2011 - 10:38 ص

بمنتهى الخفة والرشاقة يضرب الذين يحموننا المثل فى تحدى معانى الثورة بمكافأة وزير إعلام بتعيين زوجته رئيسا لتحرير مجلة حكومية.. وبمنتهى الغلظة يحرمون الثائر علاء عبدالفتاح من رؤية مولوده الأول خالد.

 

وسواء كان عصام شرف أو على السلمى من أصدر قرار تعيين زوجة وزير الإعلام المرفوع من الخدمة رئيسا لتحرير مجلة قومية فى ربع الساعة الأخير من عمر حكومتهما، فإن هذه أسوأ خاتمة يمكن أن ينهى بها مسئول حياته السياسية.

إن صدور القرار على هذا النحو وفى هذا التوقيت يبدو عملا غير أخلاقى بامتياز، يجعلك تتذكر على الفور هتاف المتظاهرين المتكرر «آه يا بلدنا يا وسية» وفى عبارة أخرى «يا تكية»، ذلك أنه لا معنى لقرار من هذا النوع سوى الذين يقفون وراءه يديرون ظهورهم ويضربون عرض الحائط بأى قيمة محترمة أو مبدأ حضاري قامت من أجله الثورة.. وبجملة واحدة هو دليل إضافى على عدم الاعتراف بأن مصر شهدت ثورة.

 

لقد أبى على السلمى أو عصام شرف إلا أن يذكر لهما التاريخ أنهما تصرفا فى لحظة يفترض أنها ثورية تماما بمنطق ينتمى إلى عصور الإقطاع والتكايا والأبعاديات، فاقتطعا رئاسة تحرير مجلة حكومية وقدماها مكافأة لوزير الإعلام فى الحكومة التى رحلت غير مأسوف عليها، بتعيين زوجته رئيسا للتحرير، ولسان حالهما يقول على طريقة المثل الشعبى «يا رايح كتر من الفضايح».

 

وحتى لو كانت زوجة وزير الإعلام تتمتع بمواهب وقدرات فذة، يبقى تعيينها بهذه الطريقة وفى هذا التوقيت إجراء يبتعد تماما عن أى معايير سياسية وأخلاقية، ويضرب قيمة الشفافية والنزاهة فى مقتل، وقبل ذلك فإنه ينسف مبدأ إنسانيا راقيا اسمه التعفف والابتعاد عن مواطن الشبهات، ويكرس لفكرة أن الثورة والدولة قد جرى اقتناصهما واختطافهما من قبل مجموعة من الناس استولت على مصر الثورة، وتعاملت معها باعتبارها «لقية» هبطت عليهم من السماء، أو انشقت الأرض عنها فجلسوا يقتسمونها ويوزعونها فيما بينهم، ويمنحون هذا ويمنعون عن ذاك، وكأنهم يحكمون شعبا من الموتى أو المغيبين.

 

إن قرارا مثل هذا ينتمى بالكلية إلى قيم عصر المخلوع، وينسجم تماما مع كل ما قامت الثورة من أجل تغييره وإسقاطه، حينما كانت توزع المناصب والمواقع على الأقارب والمحاسيب، وأصحاب الولاء الكامل للسلطة والدائرين فى فلكها، ما يؤكد أن الثورة مستهدفة كمعنى وإطار أخلاقى وقيمى، من خلال إيصال رسالة للناس تقول إن كل شىء على قديمه ولا تحلموا بالتغيير.

 

وأزعم أنه يجب على كل من عصام شرف وعلى السلمى أن يقولا للناس لماذا وكيف كان هذا الاختيار وفى هذا التوقيت المريب، هذا إن افترضنا أن القرار صدر من أحدهما ولم يسقط عليهما من الطابق الأعلى فى عمارة السلطة.

 

ولو ثبت أن القرار كغيره من قرارات سابقة صدرت من «الأعلى»، وارتبطت باسم رئيس الحكومة قسرا فإن سكوت عصام شرف هنا يصبح كارثة أكبر، ويضعنا أمام أسوأ نهاية لأسوأ حكومة انتقالية.

 

تكلم يا دكتور شرف.

وائل قنديل كاتب صحفي