لتصمت حتى تمر هذه اللعينة وتعبر الأجواء المسمومة، هكذا يقولون.
لا نريد أن نهدم المعبد فوق الرءوس، بهذا يدفعون.
يمتحنون إنسانيتك، أراغب أنت فى قطع أرزاق الرفاق والزملاء؟
يلحون عليك، للتدوين المأمون شروط وحرية التعبير المطلقة مفسدة مطلقة.
ألاحق شرائط كلماتهم، وعقلى تتنازعه الأضداد.
لست المتلقى الوحيد «لنصيحة الصمت» ولطلب «التدوين المأمون»، فماذا يفعل الآخرون؟
ليست تلك «الأجواء المسمومة» بغير مسبوقة، فماذا فعل السابقون؟
لا، لأتوقف عن التحايل على حالى بالإحالة إلى آخرين.
فأنماط فعلهم وفعل السابقين فى بلادنا، بلاد حرية الإعلام غير المسبوقة، جلية.
لن أتحايل بهم، سأحتفظ باتساق الامتناع عن إصدار الأحكام الأخلاقية بشأن من يقبل «النصيحة» ومن يرسلها أدراج الرياح ومن يلجأ إلى المواءمات والمواقف البينية.
كغيرى، لست بلا خطيئة وادعاءات البطولة التى كثيرا ما أشرح زيفها لن تأتى أقل زيفا فى حالتى.
لأضع أسئلتى، إذن، وبعض الإجابات.
ما العمل؟ لا يقين لدى.
هل تمر عواصف الأوطان بقمع الحريات؟ بالقطع لا.
هل تعبر الأجواء المسمومة حين يسطو الرأى الواحد؟ بالقطع لا.
ألم تختبر مصر فى الماضى البعيد والقريب النتائج المأساوية للخطيئتين؟
لماذا يصرون على استنساخهما فى واقع مأزوم؟ لأن السلطوية لا تتعلم.
هل تستطيع «التدوين المأمون»؟ أرفضه.
هل تقدر على الصمت؟ لا، خوفى على وطنى من عبث السلطوية ونتائجه المأساوية أكبر.
هل تقدر على الصمت؟ لا، فالجهر برفض المظالم والانتهاكات هو شكل من أشكال مقاومتها السلمية. ولأن المظالم والانتهاكات تسقط يوميا ضحايا جددا ــ منهم أخيرا الصديق الحقوقى حسام بهجت، تصبح الكتابة اليومية وسيلة مقاومة يومية.
لماذا لا تنقب عن مساحات بلا قيود؟ لأن إخلاء هذه المساحة يعنى الاستسلام التام لقمع حرية التعبير، ويعنى أيضا التنازل عن التواصل والحوار مع مرتاديها، وغير ذلك ليس لى فيها مآرب أخرى ــ للوضوح، لا أتقاضى مليما واحدا عن ما أكتب هنا.
أتقبل بالقيود على حرية التعبير؟ لا، وعملا لا أقوى على الالتزام بها. أوظف كلماتى بدقة، فالالتزام بالقيود لا يقل إنهاكا عن تجاهلها وتحديها.
أتقبل بهدنة حتى تمر العاصفة وتعبر الأجواء المسمومة؟ لن تمر ولن تعبر دون تفكير نقدى وبحث موضوعى عن سبل إخراج الوطن من أزماته، وشرط الأمرين هو حرية التعبير عن الرأى.
مجددا، ما العمل؟ مجددا، لا أعرف.
فقط، أتمنى مخلصا أن لا تغلق المزيد من المساحات وأن لا تقطع المزيد من الأرزاق.