ما حدث فى انتخابات مجلس الشعب هو «جريمة قتل» مع سبق الإصرار والترصد.
فالقائمون على الأمر فى الحزب الوطنى خططوا ودبروا من أجل إقصاء كل الأصوات المعارضة فى تلك الانتخابات دون أن ينتهبوا إلى أن ما دبروا له وخططوا هو «قتل» للسياسة فى مصر لسنوات مقبلة يمكن أن يصبح فيها العنف هو البديل الوحيد للسياسة «القتيلة».
ثم تأتى تصريحات قادة الحزب الحاكم وتفاخرهم بما يرونه إنجازا ويراه كل العالم خارج دائرة «المسترزقين» من الحزب جريمة لتؤكد أن جريمة القتل تمت بدم بارد.
المفارقة أن تفسير الموقف العبثى الذى أصبحت مصر تواجهه فى وجود برلمان ينفرد فيه حزب واحد بأكثر من 90 % من مقاعده فى ظاهرة ربما لا تحدث حتى فى برلمانات الدول ذات الحزب الواحد جاء على لسان إمبراطور الحديد فى مصر وأمين التنظيم والتخطيط والتكتيك فى الحزب الوطنى أحمد عز عندما قال «من يقرأ المقدمات لا يفاجأ بالنتائج».
فالمقدمات تقول إنه عندما كانت مقدرات الحزب الوطنى فى أيدى أهل السياسة كان الحزب يدير المشهد السياسى بطريقة من يدرك قواعد اللعبة السياسية تحتم وجود المعارضة وإن كانت «تحت السيطرة» فى مواجهة الأغلبية وإن كانت ساحقة. لذلك لم يخل مجلس الشعب من شخصيات معارضة بارزة. وجود هذه الشخصيات سواء نجحت أو حتى تم «إنجاحها» لأن ذلك يضفى قدرا على مسرحية السياسة المصرية وتبقى على الجهمور وإن قل كما وكيفا فى مقاعد المشاهدة.
أما وقد دارت الأيام دورتها وسقطت مقادير الحزب الحاكم فى قبضة رجال أعمال لا يفقهون فى السياسة الكثير ولا يؤمنون بغير الانفراد بالسوق ولا يرضون بغير «الاستفراد» بالسلطة فإنه من الطبيعى أن تشهد مصر واحدة من أسوأ الانتخابات على مستوى العالم وفقا للمراقبين فى الشرق والغرب.
فعندما أدار قادة الحزب الوطنى انتخابات شهد بتزويرها وزير العدل فى حكومة الحزب السابقة كانت النتيجة أن حرمت كل القوى السياسة من الوجود على المسرح حتى وإن كان فى دور «السنيد» ليدفعوا تلك القوى نحو الانتقال إلى العمل خارج مظلة الشرعية بعد أن خرج الحزب الحاكم على قواعد اللعبة وأجبرها على الخروج منها، ليضعوا مصر فى مأزق خطير لا يمكن أن يدركه شخوص احترفت الاستحواذ والاحتكار بحكم انتمائها إلى عالم «البيزنس» على الطريقة المصرية.