بل أنتم المفبركون! - بلال فضل - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 7:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بل أنتم المفبركون!

نشر فى : الخميس 10 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 10 يناير 2013 - 8:00 ص

نصب أنصار تيارات الشعارات الإسلامية مناحة الكترونية ضد مقالة (لن ننسى كباريه الأندلس) التي سخرت فيها السبت الماضي من وقفة لبعض الشباب المتحمس في ميدان سفنكس رفعت شعار (حتما سنعود إلى الأندلس)، من بين كل ماقرأته من شتائم وإفتراءات تزعم أنني سخرت من ملايين المسلمين المقتولين في الأندلس ودعوات ولعنات وحسبنات توقفت فقط عند قول أخت فاضلة لي «الأندلس ستعود رغما عن أنفك أيها الحاقد»، وهو ما عجز قلبي السمين عن إحتمال الرد عليه، فسألت العون من إنشراح وحسين وغيرهم من الذين نحتاج إلى عونهم كثيرا هذه الأيام شاكرين مهللين.

 

كل هذا الغضب أسعدني لأنه يؤكد أهمية سلاح السخرية في فضح عصبية وإرتباك أصحاب تيارات الشعارات الإسلامية، لو كان منطقهم متماسكا لما توقفوا عند رأي ساخر، ولوفروا طاقتهم الإيجابية لفتح طليطلة، لن أتوقف مطولا إلا عند رد كتبته الأستاذة منى حوا منظمة الوقفة التي تأثرت عندما عرفت أنها فلسطينية فأدركت أن الوقفة تعني لها الكثير عاطفيا، ربما كانت من خلال الحنين إلى الفردوس الأندلسي المفقود تستحضر مأساة فلسطين، من قلبي أتمنى لها التوفيق، وأذكرها أنني لم أفعل ما يعرقل إستعادة الأندلس، لم أبلغ عن وقفتهم الحكومة الإسبانية مثلا!، كل مافعلته أني قلت رأيي الذي يختلط فيه الجد بالهزل، ولو أضاعت وقتها الثمين في متابعتي لاكتشفت أن كل ما أكتبه يختلط فيه الجد بالهزل، الحياة نفسها كذلك، وليس عندي ما أقدمه للمجرة سوى رأيي، وإذا حدث وأن عادت الأندلس يوما ما على أيدي الأستاذة وإخوتها أو ورثتهم، لن أكون أنا أو ورثتي مهتمين بالحصول على قطعة أرض منها، لا أضمن موقف الورثة لكني سأوصيهم بذلك، لكي لا يأخذوا نصيب غيرهم من الأندلس.

 

كعادة الإسلاميين في المحاورة والمناورة واللجوء لإغتيال الشخصية، تقول الأستاذة منى في ردها أنني أستخف بعقل القارئ وأقوم بالتلفيق لأني لم أقل أن كتاب (العرب لم يغزوا الأندلس) الذي أشرت إليه ليس من تأليف الباحث إسماعيل الأمين بل قام فقط بترجمته عن المؤرخ الإسباني اغناسيو أولاغي، لا أدري كيف أستخف بعقل القارئ وأنا أنشر له إسم الكتاب ودار النشر ليقرأ بنفسه ما لا تتيح عرضه المساحة الضيقة المتاحة للعمود التي اكتفيت فيها بالقول أن الكتاب معتمد على المراجع التاريخية الإسبانية، لو لم يكن قارئي عضوا في قطيع بحيث يصدق مايقال له دون تثبت، ورجع إلى الكتاب سيتأكد من مقدمته أنه ليس مترجما فقط كما تقول الأستاذة التي ركزت على طريقة (لاتقربوا الصلاة) على جملة يقول فيها الأمين «أن هذا الكتاب ليس من تأليفنا» وهي الجملة التي اقتطعها أنصار تيارات الشعارات الإسلامية وصوروها ونشروها في مواقعهم، لكي يصوروا لمن لا زال يصدقهم أنني لم أقرأ الكتاب وأنني أقوم بمغافلة القارئ، لم يقوموا قطعا بنشر المقدمة كاملة، لأنهم لو فعلوا لوجدوا أن الكاتب يواصل قائلا بعدها بفقرتين بالنص «بدلا من ترجمة الكتاب عمدنا إلى تبسيطه وتوضيبه وتنقيته وتلخيصه ليصبح بمتناول كل قارئ.. لم يتسم عملنا بالأمانة الخالصة، ففي كثير من الأحيان إستخدمنا معلومات ومقدمات وكذلك منهج المؤلف للخلوص إلى نتائج مختلفة عن تلك التي خلص المؤلف إليها»، كيف بالله عليكم بعد هذا الكلام يصبح الكتاب مترجما فقط، وهل يعقل ألا تضع دار محترمة مثل دار رياض الريس على غلاف الكتاب أنه مترجم إذا كان ما يقدمه ليس سوى ترجمة؟. أرجوك لاتتعجب من حماسهم هذا في تشويهي بالفبركة، فكثيرون منهم في غاية الغيظ لأنني ساهمت في فضح فبركة صفحات إخوانية لتصريحات المفكر الأمريكي ناعوم تشومسكي الذي زعموا أنه قال أن الإمارات تحارب حكومة الإخوان بسبب خوفها من تطوير قناة السويس، وهي الفبركة التي فضحها صديقنا الصحفي والمدون أحمد زكي وستجد تفاصيلها في حسابي على موقع (تويتر).

 

لقد فهم بعض الشباب المتحمسين من رد الأستاذة منى أنني أتبنى إنكار الكتاب مثلا لوجود معركة بلاط الشهداء أو حتى وجود موسى بن نصير نفسه، ولو عادوا إلى المقال وقرأوه لوجدوا أنني لم أتبن وجهة النظر تلك، بل قلت أنه توجد وجهات نظر معارضة لها في العديد من الكتب ذكرت من بينها كتب الدكتور حسين مؤنس وقبله أشرت إلى كتب المؤرخ العظيم محمد عبد الله عنان، وهذا هو الدور الذي أحاول لعبه هنا بأن اشير إلى وجهات نظر تحملها الكتب كإقتراحات للقارئ المهتم.

 

عن نفسي أصدق أنه كان هناك بالفعل غزو عربي للأندلس، لكنه أصبح الآن جزءا من تاريخ مضى وانقضى، تماما مثلما لن يعود الرق وعصر الجواري ثانية مهما حلموا به، وقبل أن يتنطع المتشددون ليقول لي أحدهم كان فتحا وليس غزوا رغم أنفك، أذكر أن مصطلح الغزوات مصطلح إسلامي استخدمه المؤرخون المسلمون جميعا وتم إطلاقه حتى على غزوات النبي (ص)، على أية حال إذا كنت ممن يرى غزو العرب للأندلس حقا دينيا للعرب والمسلمين وتحلم بإستعادتها، فهذا حقك لكن دعني أذكرك أن المتعصبين المسيحيين يرون أن الغزوات الصليبية للشرق الإسلامي كانت أيضا حقا دينيا لهم وهم ايضا يحلمون بإستعادته، وإذا كنت مهتما برأيي الشخصي فأنا فقط أذكرك أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين حيث لم يعد هناك مكان للفتوحات والسبايا والرقيق وسنابك الخيول والحسام المهند، والفتوحات الوحيدة التي يمكن أن نغزو بها العالم الآن هي فتوحات العقل والعلم والفكر والطب والتكنولوجيا فهل لديك في هذه الفتوحات ماينفعنا أم لا؟. لكن هذا موضوع لحديث آخر بإذن الله نسأل فيه أنفسنا «بأي أندلس يحلمون»؟.