مواطنون غير دستوريين - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الثلاثاء 14 يناير 2025 1:20 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مواطنون غير دستوريين

نشر فى : الثلاثاء 11 سبتمبر 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 11 سبتمبر 2012 - 8:00 ص

هل يمكن أن تقبل دستورا لا ينص على المساواة الكاملة بين كل المواطنين دون تمييز.. كل الدساتير المصرية والعالمية يكاد يكون فيها نص ثابت يقول «إن المواطنين سواء ولا يجوز التمييز بينهم بسبب جنس أو نوع أو عرق أو لون أو عقيدة».

 

 لا أحد فى حدود علمى داخل الجمعية التأسيسية مختلف مع ذلك، أو يحاول مثلا أن ينص الدستور الجديد على أن «المواطنين درجات وتصنيفات ويجوز التمييز بينهم والتفضيل بسسب العقيدة ثم النوع ثم العرق».

 

يؤمن إذن أعضاء الجمعية التأسيسية بمبدأ المساواة، يرون المصريين سواء ويصرون على مكافحة التمييز، لا أشك فى ذلك وفق ما يخرج من الجمعية من تصريحات وما أشاهده من جلساتها تليفزيونيا، وما أسمعه شخصيا من أصدقاء أعزاء ومحترمين أعضاء فى لجنة كتابة الدستور.

 

كذلك يؤمن أعضاء الجمعية جميعهم بمبدأ «حرية العقيدة»، هذا أيضا من المؤكد، ومن المؤكد أن الدستور الجديد سينص بوضوح على أسس المساواة وحرية العقيدة، لا أحد ضد ذلك حتى أولئك الذين تتصور أنهم «غلاة الإسلاميين» المتواجدين فى صفوف الجمعية، فهم فى النهاية لديهم نصوص حاكمة قرآنيا، وتراث إسلامى زاخر بالمساواة وحماية حرية الاعتقاد حتى إن الدولة الإسلامية فى جميع عصورها ازدهرت واستمرت ونشرت دعوتها، فيما يعيش بين مواطنيها مسيحيين ويهود ومجوس ولا دينيين وصابئة وحنفيين وأصحاب عقائد شاذة، يتعبدون فى هدوء ويترقون فى أعمالهم ويعيشون فى أمان.

 

لكن الأصل فى الدستور أن يعبر عن المجتمع بكل تفاصيله أو أغلبها على أقل تقدير، لا يستطيع دستور أن يعتبر عرقا معينا هو أصل الدولة ويتجاهل باقى الأعراق، ولا أن ينص على عقيدة معينة ويتجاهل الأخرى، من حق الدساتير أن تشير إلى عقيدة أغلبية سكانها، وأن تتخذ من هذه العقيدة أساسا لتشريعاتها فى كثير من مناحى الحياة باعتبار أن ثقافة الأغلبية هى المكون الرئيسى لثقافة المجتمع، لكن ذلك فى حالة النص على «المساواة بين جميع المواطنين» لا يستقيم دون الإشارة للآخرين بتقدير مواز وحماية واضحة، وتلك أيضا تكاد تكون من المبادئ المستقر عليها داخل الجمعية.

 

لكن الأعضاء يذهبون إلى الاعتراف فقط بالأديان السماوية الثلاثة ومن داخل الإسلام مذهب أهل السنة والجماعة، دون إشارة إلى واقع واضح وغير منكر أن بيننا من يدين بالإسلام على مذاهب الشيعة، أو من يدين بالبهائية.

 

الجمعية التى تضع الدستور ليست محفلا أكاديميا لمقارنة الأديان، وليس من مهمتها أن تبين رقى هذه العقيدة وفساد الأخرى، لكن مهمتها أن تعكس التنوع فى المجتمع حتى لو كان ضئيلا وهامشيا، لذلك عليها أن تواجه نفسها بسؤال واحد: هل يوجد مواطنون مصريون شيعة؟ وهل يوجد مواطنون مصريون بهائيون؟ السؤال فقط عن الوجود.. وإذا كان السؤال يجرحك يمكن أن تقوله بصيغة أخرى: هل يوجد ــ والعياذ بالله ــ مواطنون مصريون شيعة وبهائيون؟ لن تستطيع أن تجيب بالنفى، وإذا كنت لا تنفى، فقد انطبقت عليهم كمواطنين حقوق المساواة وعدم التمييز وحقوق حرية العقيدة، فإذا كانت الجمعية التى تضع دستور المصريين ترفض الاستماع لجزء من المصريين احتقارا لعقائدهم أو إحساسا بضآلتهم، فهل يعنى ذلك أن الدستور الجديد سيحكم على مواطنة عدد من المصريين بعدم الدستورية؟

 

هذا وطن المصريين كل المصريين أو هكذا نرجوه.. «اعدلوا هو أقرب للتقوى»..!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات