ثوار سابقون.. وكاذبون - وائل قنديل - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 4:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثوار سابقون.. وكاذبون

نشر فى : الأربعاء 11 يناير 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 11 يناير 2012 - 9:05 ص

أخشى أن يقع شباب الثورة فى غواية موسم الهدايا المقدمة من المجلس العسكرى ويقبلوا بالتعيين فى مجلس الشعب، مع رفع العطاء إلى 30 نائبا بدلا من عشرة.

 

أخشى أن يبتلع بعضهم الطعم فيتحولوا إلى ثوار سابقين أو عاطلين ــ لا فرق ــ خصوصا أن من بينهم من باهينا بهم الأمم يوما وقلنا عنهم إنهم قدموا الدرس للكبار.

 

ودونما مزايدة على أحد لا بأس من الإشارة إلى أن منهم من لا يزال يواصل الإبداع والابتكار فى وسائل الذود عن ثورته ومقاومة كل عمليات التشويه والإجهاض، وآخر هذه الوسائل البديعة حملة «كاذبون» التى تكشف وتدحض يوما بيوم كل الأكاذيب والأباطيل التى تلصق بالثورة والثوار، وتذكر الجموع بالدم الذى سال والكرامة التى انتهكت تحت أحذية الجنود الثقيلة.

 

والسؤال هنا: كيف تهتف «يسقط حكم العسكر» وتصرخ «كاذبون» فى المساء، ثم تقبل «التعيين العسكرى» بالبرلمان فى الصباح؟

 

أزعم أن أبجديات الاستقامة الفكرية والاتساق مع المبدأ تفرض على من يفكر فى «العرض» أن يتذكر أنه إن فعل يكون على حافة الانتحار السياسى والأخلاقى، ليقطع بذلك كل صلة له بالشارع الثورى، والأخطر أنه يساهم من حيث لا يدرى ــ وربما يدرى ــ فى شق الصفوف وتفتيت الحشود.

 

غير أن أسوأ ما فى الأمر أنه يضرب أحد أهم القيم التى قامت الثورة من أجلها فى مقتل، وهى قيمة التوقف عن القبول بالعطايا والمنح المقدمة من السلطة، وتسييد مبدأ الجدارة والوصول إلى المواقع المستحقة بالانتخاب.

 

ولو أن المجلس العسكرى كان يضمر خيرا لشباب الثورة من البداية لما جرى انتخابات وفق نظام غير عادل بالمرة، يحول دون حصول الشباب على فرص تنافسية حقيقية مع أصحاب المال والخبرة، ولما أطلق حملات تشويه ضخمة استهدفتهم فى سمعتهم، بدءا من الاتهامات بالعمالة والتمويل الخارجى، مرورا بوصفهم بالبلطجية و«الصيع» من قبل خبراء الغبرة الاستراتيجيين وثيقى الصلات بالمجلس الأعلى.

 

ولو أن المجلس يطيق وجودهم أصلا لما خاض ضدهم حربين حاميتين فى محمد محمود ثم مجلس الوزراء، فقد فيهما شباب الثورة عشرات الشهداء، ومئات الجرحى والمفقوءة أعينهم، وكأنه كان يراد حصارهم وإنهاكهم لإبعادهم عن المنافسة الانتخابية، كى يخلو لأصدقاء «العسكرى» وجه البرلمان.

 

ولا يخفى على أحد أن المجلس اخترع صنفا خاصا به من الشباب صنعه على عينه ووضع عليه «ستيكر شباب الثورة» كذبا وبهتانا، واستخدمهم فى تفريغ فكرة ائتلاف «شباب الثورة الحقيقى» من مضمونها وابتذالها وتسفيهها.

 

إن ما يدعى إليه شباب الثورة الآن لا يختلف كثيرا عما كان يجرى فى عصر المخلوع وحاشيته، وانظر حولك وتدبر فى رموز سياسية وحزبية احترقت كالفراشات بضوء صفوت الشريف، وسقطت فى صحن عسل أحمد عز حين تهافتت عليه.

 

باختصار: لا تكونوا ثوارا سابقين حتى وإن كان الثمن حصانة برلمانية عابرة ومؤقتة.

وائل قنديل كاتب صحفي