4 علامات مضيئة - السيد أمين شلبي - بوابة الشروق
الأربعاء 5 مارس 2025 8:07 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

4 علامات مضيئة

نشر فى : الثلاثاء 12 يونيو 2012 - 8:50 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 12 يونيو 2012 - 8:50 ص

على الرغم من كل الغيوم والسلبيات التى أعقبت ثورة 25 يناير: الانفلات الأمنى، تدنى الوضع الاقتصادى، الاضطرابات الطائفية، المظاهرات والاحتجاجات الفئوية، أحداث ماسبيرو، محمد محمود ومجلس الوزراء، على الرغم من كل هذه السلبيات والتى يجب أن تفترض أنها ظواهر غالبا ما تحدث عقب الثورات والتحولات السياسية الكبرى، مع كل هذه السلبيات لابد ان نتذكر علامات ايجابية حدثت ولم تكن لتحدث إلا بفعل الثورة وما ولدته من قوة اندفاع وتبنته من مبادئ.

 

●●●

 

من أبرز هذه العلامات، بل  الإنجاز الأكبر، أن الثورة قد كسرت حاجز الخوف لدى المصريين، وحققت نقله نوعيه حين حولت المصريين من رعايا إلى مواطنين، وأصبح المواطن المصرى يشعر أنه يستطيع أن يرفع صوته، وأن يشارك فى التجمعات والمظاهرات الاحتجاجية على ما يراه من سياسات خاطئه، مثل هذا الإنجاز يبشر بمجتمع إيجابى، يشعر أفراده بانتمائهم وحقوقهم الوطنية.

 

الإنجاز أو العلامة الايجابية الثانية فهى حجم وإقبال المصريين على الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات التى جرت بعد الثورة ابتداء من الاستفتاء على التعديلات الدستورية، إلى انتخابات مجلس الشعب والشورى، إلى الانتخابات الرئاسية، وقد حقق هذا الإقبال نقله واضحة مما كان واضحا من النسبة الضئيلة لإقبال المصريين على الانتخابات قبل الثورة والتى بلغت فى بعض الأحيان 5%، إلى ارتفاع هذه النسبة بعد الثورة إلى ما بين 40 و60%، مثل هذا التطور له معانيه ودلالاته الكبرى، أهمها هو إدراك المواطن ان صوته سيمثل فارقا وإنه لن يتعرض للتزوير، وأن من واجبه أن يسهم فى بناء النظام السياسى المصرى ومؤسساته.

 

اما العلامة الإيجابية الثالثة فهى السماح للمصريين فى الخارج بالتصويت فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وقد كان من الغريب أن يحرم المصرى المقيم فى الخارج من التصويت فى انتخابات سوف تقرر مصير النظام السياسى فى مصر فى الوقت الذى نطالبه فيه بالانتماء لوطنه، والمساهمة بخبراته فى مشاريع التنمية فى مصر.

 

ولابد أن نلاحظ أن نسبة من اقبلوا على التصويت فى الخارج، وخاصة فى الدول الأوروبية والأمريكية، لم تكن كما هو متوقع، ومع هذا فإن المهم أن المبدا قد تقرر وبدا العمل به، وهو بالتأكيد ما سوف يشجع نسبة أكبر من المصريين فى الخارج على الإقبال على التصويت فى انتخابات قادمة، وأن يكون هذا مقدمة لمزيد من الانتماء والارتباط بوطنهم.

 

أما العلامة الرابعة المضيئة فهى الوثيقة التى أصدرها الأزهر الشريف فى يناير 2012 مؤكدا دوره الوطنى التاريخى والحضارى، والتى توافقت عليها كل القوى السياسية والفكرية والثقافية، وحيث تضمنت الوثيقة القواسم الفكرية المشتركة فى منظومة الحريات والحقوق الإنسانية وأقرت مجموعة من الضوابط والمبادئ الحاكمة لهذه الحريات، التى حددتها الوثيقة فى: حرية العقيدة التى تعتبر، وما يرتبط بها من حق المواطنة الكاملة للجميع، حجر الزاوية فى البناء المجتمعى الحديث وهى مكفولة بثوابت النصوص الدينية القطعيه. هنا حرصت الوثيقة أن تؤكد أن (1) حق حرية الاعتقاد يترتب عليه التسليم بمشروعية التعدد ورعاية حق الاختلاف، كما ترتب عليه رفض نزعات الإقصاء والتكفير ورفض التوجهات التى تدين عقائد الآخرين ومحاولات التفتيش فى ضمائر المؤمنيين بهذه العقائد (2) حرية الرأى والتعبير وهى أم الحريات كلها وتتجلى فى التعبير عن الرأى تعبيرا حرا بمختلف وسائل التعبير من كتابه وخطابه وإنتاج فنى وتواصل رقمى (3) حرية البحث العلمى فى العلوم الأساسية والطبيعية والرياضية وغيرها وهى قاطرة التقدم البشرى ووسيلة اكتشاف سنن الكون ومعرفة قوانينه لتسخيرها لخير الإنسانية، واهم شروط البحث العلمى ان تمتلك المؤسسات البحثية والعلماء المتخصصون حرية أكاديمية تامة فى أجراء التجارب وفرض الفروض والاحتمالات. (4) أما المبدأ الرابع الذى أكدته الوثيقة فهو حرية الإبداع الأدبى والفنى الذى يستهدف تنمية الوعى بالواقع وتنشيط الخيال وترقية الإحساس الجمالى وتثقيف الإنسانية وتوسيع مداركها.

 

●●●

 

هذه العلامات المضيئة والمكتسبات التى حققتها الثورة لا تكفى فى ذاتها بل يجب استثمارها والبناء عليها بشكل إيجابى، فكسر حاجز الخوف الذى منح للمواطن المصرى أن يعبر عن رأيه وأن يحتج ويتظاهر يجب أن يمارس بالشكل  السلمى الخالى من العنف او التعرض للمنشات العامة وإعاقة  تحركات المواطنين، والإقبال على التصويت يجب ان يجرى بدون الاستجابه إلى تحريضات دينية أو إغراءات مادية وان يكون الحكم فيه هو الضمير الوطنى، كما أن اكتساب المصريين فى الخارج لحق التصويت يجب أن يتأكد بمزيد من الإقبال عليه والارتباط بقضايا الوطن، أما وثيقة الأزهر فإن المأمول أنه مع الشروع فى وضع دستور جديد أن يهتدى من سيكتبه بهذه الوثيقة ومبادئها وان تكون هى الحاكمة والموجهة لروح الدستور ونصوصه.

التعليقات