العلاقات المصرية الخليجية - معتز بالله عبد الفتاح - بوابة الشروق
الإثنين 22 يوليه 2024 5:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العلاقات المصرية الخليجية

نشر فى : الأربعاء 14 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 14 مارس 2012 - 8:00 ص

أرجو أن يكون واضحا أن الأمن القومى للدولة لا يبدأ عند حدودها، إلا إذا كنا نتحدث عن دولة منزوعة السيادة. وهو صحيح الأمر بالنسبة لمصر وبالنسبة لدول الخليج العربى. وما تمر به العلاقات المصرية الخليجية إجمالا من فتور غالب راجع فى جزء منه إلى أن ثورة مصر تعنى أن قواعد العمل الدبلوماسى المستقرة والإدراكات المشتركة للتهديدات والفرص التى كانت سائدة فى عهد مبارك سيعاد النظر فيها. ولم تبد الإدارة المصرية فى مرحلة ما بعد الثورة الكفاءة اللازمة فى طمأنة دول الخليج بشأن مستقبل العلاقات المصرية الخليجية بعد أن تم نزع عنصر الاستقرار الوحيد فيها خلال الفترة الماضية وهو شخص الرئيس السابق. ويا له من اختيار غير موفق أن تبنى العلاقات بين الدول على ثوابت هى فى أصلها متغيرات.


لا يوجد عندى مشكلة فى أن يكون الفتور المؤقت هو سيد الموقف وصولا إلى فتح كل الملفات وإعادة رسم خريطة المصالح المشتركة على أسس جديدة بعد أن تكتمل عناصر الدول المصرية المنتخبة من رئيس يدير ملف الشئون الخارجية وقضايا الأمن القومى ورئيس وزراء يحظى بثقة البرلمان، ولكن ما يقلقنى أن تنحدر العلاقة من الفتور إلى الفتنة وما يرتبط بذلك من تراشقات إعلامية ليس من الحكمة أن تتزايد.


مفهوم أن هناك استثمارات خليجية فى مصر توقفت بسبب أحكام قضائية أرادت معاقبة المحسوبين على النظام السابق، ولكن بعض هذه القرارات أصابت عرضا شركاءهم من المستثمرين الخليجيين الذين كانوا يتعاملون قبل 25 يناير 2011 مع الحكومة الشرعية فى البلاد. وهى مشاكل مكانها الطبيعى لجان فض المنازعات حتى لا تتسبب أمراض الماضى فى معضلات للمستقبل. ولا شك أن هناك خوفا طبيعيا لدى النظام المحافظة من أنباء عن انقلابات عسكرية أو ثورات شعبية فى محيطها المباشر حيث إن الملكيات غير الدستورية تتآكل فى العالم من حيث العدد إما بالتحول إلى ملكيات دستورية أو إلى جمهوريات، ولهذا فهذه الفترة ليست سهلة كذلك فى حسابات الدول المحافظة.


إذن ما العمل؟


لابد أن يعى الجميع الهواجس الحاكمة للمرحلة والتى تتجلى فى التصريحات العلنية والتصريحات المضادة التى تستدعى معانى سلبية عند كل طرف. ولابد كذلك أن تلعب الدبلوماسية غير الرسمية دورها فى إزالة أسباب الفتن وإضفاء الدفء على الفتور فى العلاقات بين مصر ودول الخليج. وليس سرا أن بعض الأصدقاء الإماراتيين والمصريين العاملين فى الإمارات قد ألمحوا إلى الدور الإيجابى لرموز العمل العام غير الرسمى الذين زاروا الإمارات أخيرا وكان الحديث تحديدا عن زيارة الكاتب الكبير فهمى هويدى الأخيرة لدولة الإمارات، وعن لقاء رجل الأعمال البارز معتز الألفى بحاكم الشارقة الدكتور سلطان القاسمى والذى تبرع بتشييد مبنى جديد للمجمع العلمى مع العمل على تعويض الكتب التى أتلفت فى الحريق.


إن هذه المبادرات غير الرسمية فى هذه المرحلة لها دور كبير، لأن مصر، وكذا الدول فى المراحل الانتقالية، لا يكون لها توجهات واضحة فى سياساتها الخارجية الرسمية إلا بمبادرات جزئية غير معروف مدى إلزامها للقادمين فى ما بعد المرحلة الانتقالية.


وأخيرا نتوقع من أصدقائنا فى دول الخليج أن يعلموا تماما أن هذه الثورة لم تكن ضد أى دولة خارج مصر وأن العلاقات المصرية الخليجية لا ينبغى أن تكون خاضعة لأى حسابات شخصية بقدر ما هى تعبر عن ثوابت الأمن القومى للطرفين وهى من ركائز الاستقرار فى المنطقة. هذا مقام مكسب مشترك للجميع أو خسارة مشتركة للجميع. والعقلاء من الطرفين يريدون قطعا المكسب المشترك، فلنتحرك فى هذا الاتجاه.

معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميشجان، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميشجان المركزية في الولايات المتحدة. حصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة وماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الولايات المتحدة. كما عمل في عدد من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة ومصر، له ثمانية كتب والعديد من المقالات الأكاديمية منشورة باللغتين الإنجليزية والعربية.
التعليقات