الشاب الذى رفع المصحف - أحمد منصور - بوابة الشروق
الجمعة 8 نوفمبر 2024 1:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشاب الذى رفع المصحف

نشر فى : السبت 13 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 13 يوليه 2013 - 12:31 م

فى أعقاب مجزرة دار الحرس الجمهورى التى ذهب ضحيتها ما يقرب من ألف ومائة من المصريين ما بين شهيد وجريح، ظهرت صور كثيرة من بينها صورة شاب كان يمشى فى شارع الطيران تجاه القوات التى كانت قادمة من جهة دار الحرس الجمهورى يرفع مصحفا إلى الأعلى ويسير وحده حتى وصل إلى السلك الشائك الذى وضعته القوات.

 

ثم دار حوار قصير بينه وبين أحد الضباط قام الضابط بعدها بتصويب البندقية له ثم أطلق عليه النار فسقط ثم أعقبه بضربتين أخريين وهو على الأرض، تقدم بعدها ثلاثة من الشباب وقاموا بسحبه جرا من أمام القوات ونقلوه إلى المستشفى واعتقد الجميع أن هذا الشاب قد قتل، وملأت صوره المواقع الإخبارية والاجتماعية، وسمعت هذه الرواية من أكثر من شاهد عيان بينهم سيدة تقطن فى عمارة مواجهة لهذه الأحداث.

 

فجأة وجدت نفسى وجها لوجه مساء الخميس الماضى مع هذا الشاب الذى كان يحمل المصحف، كان يمشى بصعوبة على عكاز، ثم اكتشفت أنى أعرفه فهو أحد شباب ثورة 25 يناير ولا ينتمى لأى فصيل إسلامى بل هو أحد قيادات اتحاد شباب الثورة أحد الكيانات الثورية التى ظهرت خلال الثورة وهو طبيب أسنان عمره أربعة وعشرون عاما وكان مسئولا عن العيادة الطبية الميدانية خلال أحداث شارع محمد محمود.

 

وأعتقد أن الكثيرين يعرفونه هو الدكتور عمر مجدى، وهو كان رئيس الوفد المفاوض للمجلس العسكرى بعد أحداث محمد محمود، ومن النتائج التى حققوها إقالة حكومة الدكتور عصام شرف، كما أنه هو الذى رتب ملف الضابط الذى سمى بقناص العيون، عمر مجدى شاب مصرى ينتمى لتراب مصر ونيلها، وهو من أسوان.

 

قال لى: كنت أصلى الفجر فى مسجد قريب من منطقة الأحداث حينما اتصل بى صديق وقال إن هناك إطلاق نار كثيف فى محيط منطقة دار الحرس الجمهورى، توجهت مع ثلاثة من أصدقائى فى سيارتنا ووصلنا إلى شارع خضر التونى الذى به المترو الذى يقسم شارع الطيران إلى قسمين، وجدنا أعدادا هائلة من الجرحى والشهداء يتم نقلهم إلى نقاط الأسعاف وهناك تجمهر كبير من الشباب وفى كل لحظة يسقط أحدهم جريحا أو قتيلا، قلت لأصدقائى لابد أن نفعل شيئا لوقف هذه المجزرة، قالوا وماذا نستطيع أن نفعل قلت لهم لنتقدم نحن الأربعة رافعين المصاحف تجاه القوات لنقول لهم إن الجميع هنا مسالمون ولا يحمل أحد شيئا إلا المصاحف ربما يساعد هذا فى وقف هذه المجزرة، وافق الجميع على الفكرة، لا أستطيع أن أنكر أنى كنت خائفا لكن ليس هناك حل آخر.

 

رفعنا نحن الأربعة المصاحف وتقدمنا، كانت المسافة حوالى سبعين مترا، لكنها بالنسبة لى كأنها سبعون كيلومتر أغمضت عينى وتقدمت وأنا أعتقد فى كل لحظة أن رصاصة يمكن أن تستقر فى رأسى أو فى قلبى، كانت أنفاسى تتلاحق وقلبى يدق بشدة لكن نيتى كانت هى وقف سيلان الدماء، حينما اقتربت وجدت الجنود قد وضعوا سلكا شائكا أمام المدرعات على اعتبار كأنهم فى معركة يؤمِّنون به أرضا جديدة اكتسبوها.

 

ثم وجدت نفسى أمام السلك مباشرة وتلفّتُ فلم أجد أصدقائى ربما خافوا فرجعوا فوجدت نفسى وحدى أرفع المصحف وجها لوجه مع ضابط من قوات الشرطة الخاصة يرتدى الملابس السوداء ودرعا واقيا للرصاص، قلت له: لماذا تقتلوننا نحن مسالمون ليس معنا شىء؟ قال بلغة حاسمة وهو يوجه لى بندقيته ارجع وإلا أطلقت عليك النار... نكمل غدًا.

التعليقات