شباب يحب الخير لمصر.. لماذا تحاربونهم وتسلطوا عليهم أجهزة الأمن؟ - عبد المنعم أبو الفتوح - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 4:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شباب يحب الخير لمصر.. لماذا تحاربونهم وتسلطوا عليهم أجهزة الأمن؟

نشر فى : الأربعاء 13 أكتوبر 2010 - 10:14 ص | آخر تحديث : الأربعاء 13 أكتوبر 2010 - 10:14 ص

 «إصلاحيون ونحب الخير لمصر»، كان هذا هو الشعار الذى بدأت به الحركة الطلابية هذا العام فى الجامعات نشاطها. وخيرا فعل الشباب بربطهم بين نشاطهم وحركتهم وبين حبهم لوطنهم، وحب الوطن وأهله فضيلة الفضائل التى يتقرب بها الإنسان إلى ربه.

نعم الاختيار إذن، ونعم الحركة هى التى يكون هدفها الإصلاح خاصة فى أوساط الشباب، الذى تحوطه معوقات كثيرة تحول بينه وبين أن يعطى ويبذل لوطنه. فالجمود الذى غطى كل أنواع الحياة النشيطة فى المجتمع بكل مكوناته، والسلبية، التى انتشرت وأصبحت أقرب السلوكيات للناس. والنفاق، والفساد الذى بات كأنه الأصل فى المعاملات، وانتشار البطالة المصحوبة بغياب الأمل والهدف والمعنى، والأزمة الاقتصادية الخانقة، التى تحاصر الناس فى ليلهم ونهارهم. ناهيك عن المحيط الإقليمى الذى يجاورنا وتأثيره علينا: القضية الفلسطينية تباع وتشترى بعد أن غاب عنها قداسة المسعى والمطلب، رغم أنها أهم دائرة فى دوائر أمننا الوطنى. إسرائيل كل يوم تزداد شراسة وغطرسة، وواقع عربى معتم ليس به ما يدعو إلى الإحساس بالقيمة والهدف والأمل والفخر.

وسط كل هذه الانكسارات خرج الشباب فى الجامعات المصرية يتواصلون فيما بينهم فى كلياتهم وعبر تويتر وفيس بوك ويتنادون بفكرة الإصلاح الذى يهدف الوطن. وأتصور أن زملاءهم أحسنوا استقبالهم والترحيب بهم. فهكذا هى فطرة الشباب المليئة بالحيوية والحماس والتجديد والأمل والرغبة الكبيرة فى التغيير وكل منهم يناديه صوته: «سأحرث الأرض بمحراث جديد»، وهذه هى نعمة الشباب الكبرى فى التطلع إلى الجديد الذى يحمل فى داخله الأفضل والأحسن، ورفض فكرة أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان. بل ما فى الإمكان أبدع آلاف المرات مما هو كائن.. فقط على ألا يحول أحد بينهم وبين تطبيق إمكاناتهم وطاقاتهم ورميهم باتهامات باطلة وزرع الريبة بينهم وبين مجتمعهم، وهم بعد شباب غض على وشك أن يخرج للحياة يشارك فى تحمل مسئوليتها.

الشباب إحصائيا هم ثلث سكان الوطن. ما يقرب من 35 مليون شاب تحت الثلاثين. لماذا نهدرهم ونعاملهم بهذه القسوة؟ لماذا نمنع نموهم الطبيعى فى اكتساب الخبرات من خلال الخطأ والتجربة وتصحيح المسار بالرعاية الحنونة والإشراف الهادئ.

تروى الأخبار عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الشباب يبتغى حدة ذهنهم. وكان يقول إنهم «خلقوا لزمان غير زمانكم»، فى لومه على من يريدون حمل الشباب على القديم من الأفكار والتصورات. ولو تتبعنا سير العظماء والقادة والمصلحين لوجدناهم جميعا كانوا فى سن الشباب الأول. ونعلم جميعا أن الإسكندر الأكبر فتح الدنيا وهو فى العشرينيات من عمره. وكذلك كان أغلب المصلحين والقادة عبر التاريخ. دعوة الإخوان كان معظم قادتها فى العشرين من أعمارهم فى أهم وأقوى فترات نشاطهم واستشهد مؤسسها وهو فى الأربعين.

إن أى أمة تريد أن تبنى مستقبلا على أسس صحيحة يتجه أغلب جهدها إلى الشباب وفتح مجال الحركة الواسعة أمامه لينفعل ويتفاعل مع عصره وزمانه. أما أن يحاصر الشباب ويطارد ويضطهد ويعتقل، فهذا مما يخالف العقل والأمانة والأخلاق والمصلحة. دعوهم يخطئون ويجربون. وكلنا إلى جواهم نسدد أخطاءهم ناصحين بالرأى والفكرة. إذا لم يتعلم الشباب فى الجامعات التفكير فى شئون أمتهم ومجتمعهم.. فأين يتعلمون.. ومتى يتعلمون؟ وإذا لم يتعلموا الاختلاف الرشيد فيما بينهم ويتنافسوا ويفوز بعضهم ويخسر بعضهم فأين يتعلمون؟

أتوجه إلى قادة الجامعات عمداء وأساتذة أن يظللوا على أبنائهم الطلاب بحمايتهم وتشجيعهم، وأن يستقبلوهم ويسمعوا منهم ويسددوهم وينصحوهم، ويمنحوهم الحق فى الخطأ، كما يقول علماء التربية فأن يخطئوا وهم تحت رعايتكم خير للمجتمع والدولة من أن يخطئوا وهم بلا رعاية.

لذلك كانت دهشتى من الموقف المخالف الذى اتخذته بعض إدارات الجامعات من شباب «إصلاحيون»، فبغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية، هم أبناء هذا الوطن ومن خيرة شبابه، فلم الإعراض والمخاصمة؟ أنتم بذلك تزرعون بداخلهم صورة سيئة عن معنى الأستاذية والريادة، التى هى ضوء راشد ونور هاد، بل صورة سيئة عن فكرة احترام الكبير الذى أمرنا شرعا أن نجله ونوقره وعن فكرة القدوة التى هى أحد مكونات التربية الكاملة.

ادفعوهم فى هذا الاتجاه الذى يحمل تطورا مبشرا بالخير وهم يقولون «نحب الخير لمصر»، فلتعلموهم كيف يكون الحب، وكيف يكون الخير، وكيف يكون الإحساس بعظمة الانتماء إلى وطن بحجم مصر. «رأيت الفتى الكريم إذا رغبته فى صنيعة رغبا»، فلترغبوهم فى كل صنيعة تبنى بداخلهم قيمة ومعنى. ولترغبوهم فى شمائل الأخلاق والفضائل من بذل وعطاء وشرف وصدق. أما إن تحاصروهم وتطاردوهم وتغلقوا فى وجوههم الأبواب وتحرضوا عليهم أجهزة الأمن، فهذا والله خطأ كبير فى حق الوطن ومستقبل البلاد.

وأنتم أيها الشباب فلتزدادوا تمسكا بفكرتكم عن الإصلاح، ولتزدادوا تمسكا بحبكم لوطنكم، فمصر الحبيبة تحتاج أمثالكم من الشباب الذى يعد بالكثير من العطاء والبذل والحب والتضحية.

التعليقات