فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 1:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ

نشر فى : الخميس 14 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 14 فبراير 2013 - 8:00 ص

قد لا يعلم الكثيرون أن قصيدة «السيف» الشهيرة لشاعر العربية الكبير أبوتمام والتى يقول فى مطلعها :

 

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ فى حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ

 

بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ فى مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ

 

هى مستوحاة من قصة المرأة صاحبة الهتاف الشهير «وا معتصماه»، ومن لا يذكر القصة، (كانت المرأة فى إحدى الأسواق وفيها رجل من الروم مار بالسوق فرأى المرأة وحاول أن يتحرش بها وأمسك بطرف جلبابها فصرخت «وامعتصماه» فسمع صوتها رجال المعتصم فبلغوه، فأمر بتجهيز جيش كبير والاستعداد للحرب) فكانت معركة عمورية التى نظم فيها أبوتمام هذه القصيدة والتى قال فيها أيضا:

 

فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ وتبرزُ الأرضُ فى أثوابها القُشُبِ

 

يَا يَوْمَ وَقْعَة ِ عَمُّوريَّة َ انْصَرَفَتْ منكَ المُنى حُفَّلاً معسولة ََ الحلبِ

 

أبقيْتَ جدَّ بنى الإسلامِ فى صعدٍ والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ فى صَبَبِ

 

والخليفة المعتصم أغاث المرأة التى استنجدت به بجيش عرمرم، فور علمه بما حدث لها، فقط استنجدت المرأة فنجدها الحاكم المسئول عن رعيته، فلهذا تمنح السلطات للحكام، ولهذا كانت تكتب قصائد المديح فيهم «يوازى إشادة الإعلام بالقادة فى زماننا»، وفتح عمورية قصة طويلة وكذلك قصيدة أبوتمام «البائية» الخالدة فى الشعر العربى التى جاءت فى ٧١ بيتا وأنهاها:

 

فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتى نُصِرْتَ بِهَا وبَيْنَ أيَّامِ بَدْر أَقْرَبُ النَّسَبِ

 

أَبْقَتْ بَنى الأصْفَر المِمْرَاضِ كاسِمِهمُ صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ

 

وتبدو قصة «وامعتصماه» ضرورية هذه الأيام، وسط ما يحدث من خزى وعار فى تناول قضايا التحرش بالنساء فى مصر، والتى تبدأ بالجملة الخالدة «ايه اللى وداها هناك» ولا تنتهى عند «شوفوا كانت لابسه ايه» وحتى المحجبات من النساء لا شفاعة لهم (كانت لابسة عباية بكباسين)، وفكرة ان (الست هى السبب) فكرة تكشف عن طريقة لا إنسانية، ولا إسلامية، ولا تحمل حتى أى سمات للشهامة العربية، فى التعامل مع ما يمس المرأة، فالخليفة المعتصم لم يسأل ماذا فعلت المرأة حتى يتحرش بها الرومى، ولم يقل رجاله عنها ما لا يجب أن يقال، بل سارعوا لإبلاغ ولى الامر، الذى أدى واجبه ووظيفته، فحقق المراد وأغاثها.

 

ولعلنا نذكر جميعا، ان من بين الوعود التى اطلقها، رجال الرئيس، اثناء الحملة الانتخابية، ان مرشحهم سينجد النساء، فقط على من تطلب العون والاغاثة ان تهتتف «وامرساه»، وللأسف، ان ما يحدث فى عهد الرئيس، الذى كان ينوى السير على نهج المعتصم، هو أمر بالغ السوء فى حق النساء، وأدعو سيادته ليطلع على محضر جلسة مجلس الشورى، ليعرف كيف تسير الامور فى عهده، وماذا تقول سلطته التنفيذية، وكيف تبعثر شعار «وامرساه» على يد المقربين منه ولابد ان يعلم الرئيس، ان الموقف من المرأة، وكيفية التعامل مع قضاياها، ليس من نوافل الامور، ولا من هوامشها، بل هو فى مقدمتها ومن ضروراتها، وحينما تعامل المراة بطريقة «هى السبب»، أو ان يقال داخل مجلس الشورى، ان خيام التظاهر بها «دعارة»، هنا على الجميع ان يتذكر: انها نفس الخيام التى اسقطت مبارك ورجاله، ومنحتنا الثورة التى نتحدث باسمها، وصارت شرعيتنا، وجاءت بكم للحكم، فلا تلوثوا البئر التى نشرب منها جميعا، أثابكم الله، ورحم الله المعتصم والذين عصمهم بمجرد استغاثة، وصدق أبوتمام: «فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ».

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات