الدكتور جابر عصفور «ذو العقل الأكاديمى» كما يحلو له أن يصف نفسه، لم يكن أكاديميا بالمرة ولا مثقفا كبيرا ــ كما عرفناه ــ وهو يهدر من وقته الثمين الكثير لكى يتقصى ويتحرى عمن كتب مقدمة حوار أجرته «الشروق» مع الروائى الكبير علاء الأسوانى تناول فيه بالرد مهاجمة الدكتور عصفور له فى مقال بالزميلة العتيقة «الأهرام».

لقد روعنى أن الدكتور عصفور قفز برشاقة غير أكاديمية بالمرة على ما جاء فى حوار الأسوانى من قضايا تستحق التوقف أمامها والرد عليها بالمنطق والحجة، وشغل نفسه بمقدمة الحوار التى عرف الناقد الأكاديمى بوسائله غير الأكاديمية أن «التقديم المنسوب إلى جريدة «الشروق» قد صدمنى، وهو تقديم لا علاقة له بمن قام بالحوار، وهو ابنى هشام أصلان الذى أخبرنى أنه ليس كاتب التقديم».

وهذه الصياغة المدهشة من الدكتور عصفور لا تعنى سوى أنه بذلك يريد أن يبلغ من يهمه الأمر بأن «ابنه هشام أصلان» يمارس رياضة الإخبار عما يدور فى مطبخ الجريدة، إلا أننا نطمئن الدكتور عصفور على أن الجريدة تثق فى محرريها وتدرك مدى احترامهم لمهنيتهم، فضلا عن أن الأمر لا يستحق كل هذا العناء لضبط وإحضار كاتب مقدمة الحوار، ولعل الدكتور بعقله الأكاديمى يعلم أن هناك دورة عمل فى أى مطبوعة تبدأ من المحرر إلى مسئول الصفحة إلى مدير التحرير ثم رئيس التحرير، وأظن أن هذه تفاصيل لا يجب إزعاج القارئ بها.

وإذا كان الناقد الكبير يرى أنه «غير خاف على العقلاء من حملة الأقلام أن الأصل فى الديمقراطية هو ممارسة حق الاختلاف فى خطاب متحضر»، فإننى أحيله إلى عينة من الألفاظ المتحضرة التى استخدمها فى حق «الشروق» مثل اتهامه لكاتب التقديم بالحمق، وكذلك وصفه لما جاء على لسان الأسوانى بأنه «وصلة من الردح الثقافى» علما بأن الدكتور عصفور كتب فى «الأهرام» يرمى الأسوانى بالكذب والافتراء.

وأزعم أن الأسوانى لم يكن «يردح» وهو يتساءل مندهشا فى حواره مع «الشروق» «كيف يقبل الدكتور عصفور جائزة القذافى بعد أن رفضها الروائى الإسبانى خوان جويتسيلو انتصارا لحقوق الإنسان».

كما أن الأسوانى لم يكن يردح وهو يدفع عن نفسه تهمة «الاستعلاء بالغرب» التى وجهها له الدكتور عصفور على صفحات الأهرام، وأيضا لم تكن «الشروق» تمارس الحمق وهى تعتبر ما تعرض له الأسوانى من صحف حكومية «نيران غير صديقة» عقابا له على موقفه الداعم لأفكار الدكتور محمد البرادعى.

أما محاولة تسفيه ما يكتبه الأسوانى من إبداع روائى وما حققه من نجاح عالمى، واعتباره أن أرقام التوزيع ليست دليلا على قيمة إبداعية، فهذا مردود عليه بأن الذين احتفوا بعلاء الأسوانى فى الغرب هم أيضا نقاد كبار وأصحاب عقول أكاديمية.. مثل عقل الدكتور عصفور!

wquandil@shorouknews.com