البرادعي: جعلوني ناشطا! - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 11:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البرادعي: جعلوني ناشطا!

نشر فى : الخميس 15 يوليه 2010 - 12:12 م | آخر تحديث : الخميس 15 يوليه 2010 - 12:12 م

 "النظام المصري لم يترك لي خيارا سوى أن أتحول إلى ناشط سياسي" بهذه الكلمات الواضحة لخص الدكتور محمد البرادعي قصة الشهور القليلة التي قضى بعضا منها في ربوع السياسة المصرية، كما جاء في حواره الأحدث مع ديرشبيجل الألمانية، حيث ذهب البرادعي، الذي يصف نفسه دوما بأنها مجرد محفز أو رمز للتغيير، إلى أن حفلات البذاءة و الإسفاف التي استقبلته بها الصحافة الحكومية بعد أن أنهى عمله في وكالة الطاقة الدولية لعبت دورا
رئيسيا في تغيير مساره في مصر، وبعد أن كانت عودته من أجل إجازة هادئة في منزله بالهرم، دفعوه دفعا لممارسة النشاط السياسي.

إجابة البرادعي في ظني جانبها التوفيق لأن فحواها ببساطة شديدة ودون افتئات أو تزيد أن الرجل اشتغل السياسة واحترف الدعوة من أجل التغيير بمحض الصدفة.. و لو امتد الخيط على استقامته فإن معنى هذه الإجابة أنه لو كان الاستقبال مختلفا ووجد الرجل في انتظاره شيئا من الحفاوة وقليلا من الاحترام والتقدير له كوجه مصري مضيء حصل على نوبل وحاز قلادة النيل
العظمى، لما تورط في العمل السياسي أو تحول إلى ناشط يدعو للتغيير على حد قوله.

و أتصور أنه من الإساءة بمكان لمشروع البرادعي للتغيير أن يقال إنه زعيم أو رمز بالصدفة، أو أن انخراطه في هذا المجال نابع من أسباب شخصية وليس وليد إيمان واهتمام بقضية عامة هي مستقبل مصر.. هذا كلام مسيء للفكرة ولرمزها حتى لو كان قائله هو البرادعي ذاته .


أخطر من ذلك أن هذا الخطاب بهذه العبارات غير الموفقة قد يصيب بعض المتحمسين للبرادعي بالإحباط ، كون الرجل يعلن بلا مواربة أن حركته مجرد رد فعل و ليست فعلا واعيا مخططا و مدروسا في اتجاه الوصول بمصر العظيمة إلى ما تستحق من نظام سياسي جديد و مختلف يلتحق بقيم العصر و روحه بعد عقود من الحكم البائس و الغارق حتى أذنيه في الجمود و الاستبداد.

لكن حوار البرادعي مع المجلة الألمانية لا يخلو من مفاجآت أخرى، فهذه المرة الأولى التي يتطرق فيها الدكتور إلى تقييم أداء الجامعة العربية بشيء من السخرية التي تصل إلى اعتباره أن ما تبقى منها أقرب إلى النكتة ، وهذه أول مرة يتناول فيها البرادعي المؤسسة التي يقودها صديقه الأقرب عمرو موسى على هذا النحو من الاستهانة ، على الرغم من أن اسم عمرو موسى
لم يعد مطروحا كبديل محترم و مناسب في بورصة الأسماء التي تصلح لقيادة
مصر، كما كان مطروحا بكثافة قبل عدة أشهر.

غير أن أهم ما في حوار ديرشبيجل أن البرادعي يبدو مستمرا على تحفظه بشأن تطوير أدائه السياسي خلال الفترة المقبلة حيث لا يزال مصرا على دور المحفز و القائد الروحي -عن بعد- بينما المرحلة الراهنة تستدعي حسما أكثر و جدية أكبر و انغماسا أعمق و مشاركة أقرب فيما يتعلق بصناعة التغيير في مصر.

شخصيا أتمنى أن يجرب البرادعي الاستقرار في مصر لشهرين أو ثلاثة متصلة لإحداث نوع من التراكم في النشاط السياسي الحقيقي ووقتها فقط سيدرك البرادعي أن التغيير يمكن أن يخرج من منطقة الحلم ليصبح واقعا يمشي على الأرض .. فهل يفعلها الدكتور؟

وائل قنديل كاتب صحفي