استقلال القضاء - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 7:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استقلال القضاء

نشر فى : الثلاثاء 15 أكتوبر 2013 - 9:10 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 15 أكتوبر 2013 - 9:10 ص

أشار تقرير التنافسية العالمية، فى نسخته الأخيرة الخاصة بالعام ٢٠١٣، أن ترتيب مصر من حيث استقلال القضاء يأتى فى المرتبة ٨٢ من بين ١٤٨ دولة، كانت فى مقدمتها نيوزيلاندا، بينما احتلت فنزويلا الترتيب الأخير، وهو ترتيب يبعث على الأسى والحزن، أن تكون دولة مثل مصر عرفت القضاء، بجميع أشكاله وانواعه فى مرحلة مبكرة، متراجعة لهذه الدرجة فى استقلال قضائها، خاصة ان الدول تترقى بمدى سيادة القانون فى أحوالها وشئونها.

وهذا الترتيب يكشف عن ممارسات سياسية خاطئة مزمنة، دون أن نعمل على مواجهة هذه الممارسات، أو تصويب لهذه الوضعية المخجلة سياسيا وقانونيا، إلى جانب ان هذا الترتيب المتراجع يعكس حالة الفوضى التشريعية التى نحياها من زمن، وكنا على أمل أن تتبدل هذه الأوضاع مع ثورة يناير، لكن، وللأسف الشديد، حدث تراجع فى هذه الاستقلالية، كما ان هذا الملف كان دوما هدفا للسيطرة عليه من أى قوى كانت حائزة للسلطة.

القضاة، لديهم حساسية كبيرة فى مناقشة هذا الملف، ويعتبرونه مساسا شخصيا بهم، والأكيد ان الامر ليس كذلك، فالمسألة ليست قضية فئوية أو مهنية، بل ركيزة من ركائز الحكم الديمقراطى، وأساسا من أسس الدولة العصرية الحديثة، ولا يمكن للمجتمع ترك الحال على ما هو عليه، ولا يمكن أيضا ان نفهم ان موجات ثورية حدثت فى البلاد، ومازال القضاء تشوبه بعض علامات ودلالات عدم الاستقلال، بل ان استقلال القضاء يجب ان يكون هدفا مقدما على بقية الأهداف، لان فى استقلاله ضمانة حقيقية لأى تغيرات سياسية تشهدها البلاد، وأعتقد ان المجلس الأعلى للقضاء قادر على القيام بهذه المهمة، فهو يضم شيوخ قضاة مصر، الذين يعرفون جيدا معنى الاستقلال وأهميته لمؤسستهم المعنية بالعدالة وشئونها، وخطرها على تقدم هذا المجتمع من عدمه، كما السكوت عما هو قائم يضر كثيرا بجميع المفاهيم الديمقراطية التى يحارب المجتمع من أجل تغليبها.

إن وجود قاضٍ على رأس سلطات البلاد، يحتم عليه العمل جديا على تحفيز المؤسسات والهيئات القضائية من أجل مواجهة هذا الترتيب المعيب فى قائمة التنافسية العالمية، عليهم أولا ان يحدثونا عن اسباب هذا التراجع، وما هو مطلوب من أجل تفاديه، واعتقد انه عندما يكون لدينا رئيس جمهورية، حتى لو كان مؤقتا، ولا يعمل على استقلال القضاء بحق، تكون لدينا مشكلة، ولو ان السيد الرئيس عدلى منصور أنجز هذا الملف فقط، يكون قد قدم عملا جليلا لبلاده ولكفاه عن أى انجازات أخرى، فلسنا بحاجة لشرح أهمية وخطورة مؤسسات القضاء فى تقدم البلدان واستقرارها، ولا نبالغ لو قلنا انها الخطوة الأهم لتغيير جميع الاوضاع الكارثية التى نعيشها منذ عقود طويلة، كما ان استقلال القضاء هو الضمانة الوحيدة المتفق عليها فى الخروج من المآزق السياسية التى سنتعرض لها فى قادم الأيام، حيث أصبحت غالبية ملفات السياسة فى المحاكم والنيابات، بينما باتت الأحزاب فارغة من أى معنى أو قوة أو قدرة على الحركة والحراك، فمن الواضح ان القضاء هو الذى سيحكم مستقبلنا السياسى، لذا أطالب بالإسراع بضبط استقلاله حقا وصدقا، واعتقد ان القضاة قادرون على فعل ذلك.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات