حقوق وليست أحلامًا - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الأربعاء 1 يناير 2025 4:52 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حقوق وليست أحلامًا

نشر فى : الخميس 15 نوفمبر 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 15 نوفمبر 2012 - 8:00 ص

لم تقم الثورة فقط على مبارك كشخص، لكن الدستور الذى كان يحكم به هذا النظام كان أول الأعمدة التى وجب سقوطها وارتفعت الحناجر فى رفضها.

 

لم تكن مشكلة دستور 71، فى افتقاده للمواد التى تحمى الحريات والحقوق والمال العام، لكن كانت مشكلته فى نظام شمولى كان لديه القدرة على العبث بهذه المواد وتحويلها إلى لافتات وشعارات ليس لها محل من التطبيق، مستفيدا فى ذلك بسلطة تشريعية خاضعة ومؤيدة، وحالة طوارئ دائمة تجعل كل الحقوق الدستورية حبرا على ورق.

 

لكن فى جميع الأحوال وباستثناء صلاحيات رئيس الجمهورية الواسعة والمطلقة، كان دستور 71 معقولا كنص، وبالتالى اعتبره المطالبون بكتابة دستور جديد يليق بالثورة على الأقل حدا أدنى لما يجب أن يكون.

 

لا يمكن بحال من الأحوال أن تقنع أحدا طالب بسقوط دستور مبارك لأنه يمنح الرئيس صلاحيات مطلقة، ثم تكتب دستورا باسم الثورة يخلق فرعونا جديدا كل الفارق بينه وبين من سبقه أنه اختيار الصندوق، ولا أن يأتى دستور الثورة على حقوق كانت مكفولة وينتقص منها أو يقيدها أو يلغيها.

 

الأزمة أننا نتشبث بالتسميات.. هذه المؤسسة كانت فاسدة أيام مبارك فتلغى ولا تصلح، وتحت هذا الزعم يجرى النيل من كل مكتسب دستورى أو قانونى أو حقوقى كان قائما أيام مبارك واستفاد منه الحكام الحاليون والمجتمع كله فى مواجهاته القانونية والحقوقية مع الاستبداد.

 

كان نظام مبارك يتحايل على تمثيل العمال والفلاحين فى مجلس الشعب، ويترك الطيارين واللواءات وأساتذة الجامعات يترشحون على مقاعدهم، لكن هل العيب فى النسبة أم فى الممارسات، وهل الحل بإلغاء هذه النسبة أم بكبح التحايل عليها عبر آليات واضحة وصارمة.. لديك الآن فئة مهمة فى المجتمع ناضلت وشاركت فى الثورة حتى تتحسن أحوالها، لكنها فى دستور الثورة تم حرمانها من مكتسبات كانت قائمة ومهدرة ومسلوبة منهم، وبدلا من إعادتها إليهم يحرمون منها، إلى جانب حرمانهم من ضمانات العمل الكافية إنسانيا وكأنه انحياز من دستور الثورة لأصحاب الأعمال على حساب من كانوا وقودا للثورة بنومهم على الأرصفة منذ 2005.

 

كانت المحكمة الدستورية سلطة قضائية مستقلة بحكم النصوص الدستورية، فى تاريخها ممارسات خاطئة واستخدام سياسى، لكن هل الحل فى الغائها أو تقييدها أم فى تعزيز استقلالها. انتهى عصر مبارك ورئيس المحكمة الدستورية تنتخبه الجمعية العمومية، لكن الدستوريين بعد الثورة أرادوا أن يعيدوا تعيينه إلى الرئيس وكأننا نرجع للخلف، هناك جدل حول اختيار أعضاء المحكمة، وجدل حول أدوار سياسية لبعضهم، لكن كيف نضمن استقلال المحكمة وقيامها بدورها فى رقابة دستورية القوانين ونبعدها عن التسيس دون مساس بوجودها وصلاحياتها.

 

جاءت الجمعية التأسيسية لتبنى على وضع قائم وتصلحه مواطن قصوره، لديها حد أدنى اسمه دستور 71، ليس من حقها أن ترتد خلفه، تسلمت قضاء غير كامل الاستقلال وعليها أن تعزز استقلاله، وحقوق وحريات لا تترجم فى الواقع وعليها ضمان ترجمتها، وحقوق عمال وفلاحين منهوبة عليها استعادتها، وحقوق فى الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية عليها بلوغها، هذه الحدود الدنيا للحقوق وليس الأحلام.  

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات