البويسترو! - بلال فضل - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 8:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البويسترو!

نشر فى : الثلاثاء 16 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 16 أبريل 2013 - 8:00 ص

جاءتني هذه الرسالة المهمة التي تمتلئ بتفاصيل علمية مدهشة ستغير تاريخ علم الأحياء المائية إلى الأبد، أرسلها إليّ القارئ الكريم إبراهيم خيري الذي يحدثنا عن تقرير علمي قرأه عن عالم ياباني سيكتب تاريخ علوم البحار إسمه بأحرف من ماء الذهب فور إنتشار هذه الرسالة.

 

«هل سمعت يوما عن حيوان (البويسترو)؟. في الحقيقة حيوان (البويسترو) من أغرب وأخطر الكائنات الحية بل و أندرها، كونه يعيش في أعمق أعماق المحيط الهادي، فلا يعرفه جيدا إلا الغواصون الذين يغوصون إلى ذلك العمق الكبير. يقول الغواص الياباني الشهير (ميهاربا يريكيتو) واصفا ذلك الكائن النادر : «لم أر في حياتي لهذا الكائن مثيلا من قبل، فمن الصعب رؤيته وسط هذا الكم الهائل من الإفرازات السامة كريهة الرائحة التي يفرزها، يبدو ضخما نظرا لكم الافرازات التي يخرجها والتي تضر بالكائنات البحرية المسكينة التي تعيش معه في هذا العمق، حتى الكائنات البحرية التي نعدها قوية مثل الحوت و القرش والإخطبوط تخشاه و تتجنب مواجهته. لقد حاولنا تصويره أكثر من مرة ولكن هذه الإفرازات تعوق تصويره مثلما تعوق رؤيته...».

 

يستطرد (ميهاربا) حديثه راويا لنا قصة مثيرة: «ذات مرة قررنا ان نخترق هذه الافرازات لنرى هذا الكائن عن قرب .فوجدناه كائنا صغيرا هزيلا مصدر قوته الوحيد هو هذه الإفرازات. كان لديه غدة كبيرة يبدو أنها الغدة الرئيسية حيث أنها تفرز أكبر كم من هذه الافرازات، بل وتتحكم في هذه الغدد الصغيرة المنتشرة في جميع أجزاء الجسم . كنا قد سئمنا هذا الكائن و بات من المستحيل تحمل وجوده أكئر من ذلك ليس فقط لأنه يمنعنا من أداء مهمتنا و لكن لأنه يمنع هذه الكائنات المسكينة من ممارسة حياتها بصورة طبيعية .لذلك قررنا القضاء عليه وقمنا بقطع هذه الغدة الرئيسية، لا أستطيع أن أصف لكم كم السعادة التي شعرنا بها، بل والتي أيضا انتشرت حولنا، لقد قمنا بتصوير فرحة الكائنات حولنا بتخلصنا من البويسترو، و الفيديو موجود علي اليوتيوب باسم (جوي ان ذا ووتر أفتر بويسترو كيلد) لمن أراد مشاهدته، فبعد قطع الغدة الرئيسية قلت الإفرازات التي يصدرها البويسترو بصورة كبيرة. ولذلك احتفلنا مع الكائنات التي كانت تتضرر من إفرازاته المؤذية بهذه المعجزة التي حققناها، ولكن سرعان ما فوجئنا بكم إفرازات هائل يخرج من (البويسترو). إقتربنا ثانية منه لنعرف ما الأمر، فوجدنا ان الغدد الصغيرة المنتشرة في اجزاء الجسم قد نمت وزاد افرازها بصورة ملحوظة، التفسير العلمي لهذه الظاهرة هو أن تلك الغدد ما إن شعرت بانهيار الغدة الرئيسية حتي أدركن أنهن في خطر، فبدأن في زيادة إفرازاتهن الكريهة، ليتحول الموقف بصورة سريعة من السعادة الي كآبة و تحولت نظرات الامتنان والشكر التي كانت في أعين الكائنات المحيطة إلى لوم و عتاب بل ووصلت الي غضب وسخط لاننا اقدمنا علي هذه الخطوة التي زادت الخطر بدلا من القضاء عليه، لذلك أدركنا سريعا خطأنا.كان يجب علينا ألا نكتفي بقطع الغدة الرئيسية ولكن كان يجب علينا القضاء علي كل هذه الغدد المنتشرة في جسم (البويسترو ).وبالفعل قمنا بذلك على الفور لينتهي خطر (البويسترو) للأبد».

 

انتهي حديث (ميهاربا)، ولقد لاحظت وانا اقرأ هذا التقرير ولعلك لاحظت ذلك ايضا التشابه بين (البويسترو) و النظام السابق الفاسد، والتشابه بين ماقام به (ميهاربا) وطاقمه والثورة العظيمة التي قام بها الشعب المصري. فلقد كان هدف الثورة النبيل هو إسقاط النظام الفاسد بأكمله والقضاء علي الفساد بكافة صوره، وقد نجحنا في قطع الغدة الكبيرة متمثلة في الرئيس المخلوع وأغلب رموز حكمه، وبدأنا نشعر بانفراجة. ولكن سرعان ما ما ظهر المزيد من الفاسدين المفسدين أتباع الغدة الكبيرة، الذين استعانوا بسلاح المقاومة المضادة أو ما يسمي بالثورة المضادة وأخذوا ينشرون بين الناس أن الثورة قد أضرت بالبلاد و أكثرت من الفساد، وبالفعل بدأ بعض ضعاف النفوس يتهمون الثورة في كل سلبية تحدث على أرض الواقع، ناسبين إليها كل ما يفعله هؤلاء الذيول. متناسين ما كانت مصر تعانيه أيام النظام السابق الفاسد، وصار الشعار الرسمي بين ضعاف النفوس «البلد باظت»، قال يعني هي كانت قبل كدة ميت فل وأربعتاشر، وبعدين ما تبصوا شوفوا مين اللي بيبوظها ومين من مصلحته انها تبوظ في الوقت دا بالذات، وبدلا من أن تلوموا الثورة لماذا لا نسعى جميعا للتخلص من الفاسدين الذين يظنون أنفسهم أقوي من الحق، ويتخيلون أن الثورة لم و لن تستطيع إسقاطهم، فنفعل كما فعل (ميهاربا) ورفاقه ونقوم بثورة ثانية للقضاء على الغدد التابعة وفسادها الكريه . قبل أن أختم رسالتي بقي أن تعرف شيئا أخر عن (البويسترو) وهو أنه لا يوجد كائن بحري بهذا الاسم، فهو من خيال الغواص الياباني (ميهاربا)، أما الغواص (ميهاربا) نفسه فهو من خيال الكاتب الفقير إلى الله محسوبك إبراهيم خيري، ولعلك تلاحظ العلاقة بين الاسمين (م ي ه ا ر ب ا) و ( ا ب ر ا ه ي م )، وقد أفشيت هذا السر للأمانة العلمية والأدبية فقط، على أمل ألا يجعلك ذلك تتوقف عن التفكير في السؤال الذي يشغلني دائما ودفعني لإختراع هذا الكائن البحري، وهو:هل ندرك حقا أننا لن نتقدم إلا بعد القضاء تماما علي (البويسترو)؟».

 

(نُشِرت للمرة الأولى في يوليو 2011، قبل أن يقوم البويسترو بتربية دقنه).

 

belalfadl@hotmail.com