مشاهد من خارج القاهرة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 6:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مشاهد من خارج القاهرة

نشر فى : الخميس 17 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 17 يناير 2013 - 8:00 ص

وقفت السيدة الريفية تهتف بأعلى صوتها فى وجه الكاميرا، وهى تعلم أنها تصرخ فى وجهنا جميعا: «حرام عليكم عايزين مننا ايه ..حتى رغيف العيش مش مهنينا عليه». السيدة من منطقة «جديلة» بالمنصورة، التى لا تبيع فيها المخابز للمواطنين، بينما علق صاحب المخبز، الذى تقف أمامه السيدة، انه لا يستطيع ان يبيع للمواطنين «علشان التموين هتحبسه»، واوضح ان هناك قرارا صدر فى ٢٢ نوفمبر الماضى، بفصل الانتاج عن التوزيع، على ان تتولى الجمعيات الاهلية القيام بهذه المهمة، وهى جمعيات، تتبع جماعات بعينها.

 

بينما سكان قرية أخرى تابعة لمحافظة القليوبية، ينتظرون صباح كل يوم سيارتين من الخبز يرسلهما حزب الحرية والعدالة، فلا يعانون تلك الازمة، فى مقابل انتظارهم، هم وأرضهم، لاى شيكارة أسمدة، وهذه لا يقدر عليها الحرية والعدالة، فتتجه صيحات غضبهم تجاه الحكومة التى ستقتل زرعهم. (هناك نقص فى الاسمدة، بسبب نقص كميات الغاز الطبيعى للمصانع) وهم جميعهم يعلمون الخراب الذى ينتظرهم، بعد أن انخفض المحصول الى النصف هذا العام، مع انخفاض السعر الى النصف ايضا، بسبب تراجع التصدير، وهذه القرية تزرع البرتقال وكانت تكسب منه كثيرا.

 

وفى محافظة من محافظات الوجه القبلى، يرفض مسئولو احدى مدنها، توصيل الغاز لمنازل السكان، بدعوى انهم لا يحتاجونه، حيث ان هذه مهمة ووظيفة جماعة هناك تقوم بذلك على اكمل وجه، دون أن يروا الفرق الشاسع بين سعر الغاز الطبيعى، وسعر الأنبوبة، بعد أن يتم رفع الدعم عنها، ويكون قد فاتهم قطار الغاز الطبيعى.

 

أما أهالى، القرى المحيطة ببحيرة قارون، فلا حول لهم ولا قوة، فهم لا يفكرون لا فى خبز ولا بوتوجاز ولا اسمدة، فكل شىء انتهى بعد ان غرقت اراضيهم، بفيض من البحيرة، أحد الفلاحين، وقف وسط ارضه والمياه تغمر نصف جسده، ويمسك ببعض زرعه الذى مات، وهتف للكاميرا، صارخا لنفسه: «بيتى اتخرب والبنك هيحبسنى». تقدر الاراضى التى غرقت بحوالى ١٣ الف فدان.

 

وبعيدا فى الاقصر، ينتظر التجار (خاصة تجار البازارات)، رجال الحكومة ومطالباتهم بحقوق الدولة، من ضرائب ورسوم وتأمينات، ومتأخرات، يحاولون اقناع الجميع بان ليس لديهم ما يدفعوه، لكن غلظة موظفى الدولة قد تدفعهم، كما قال احدهم، للذهاب الى المطار وتعطيل حركته، حتى تشعر حكومة القاهرة بخراب الاقصر وناسها. تقريبا لم يعد فى الاقصر سياح، رغم تصريحات وزير السياحة ان الانخفاض يقدر بـ٢٥٪  ، بينما الاقصريون يؤكدون ان النسبة التى تأتى الى مدينتهم لا تتجاوز ١٠٪ من عدد الذين كانوا يزورونها من قبل.

 

هذه مشاهد من خارج القاهرة، رأيتها وسمعتها، لا سمعت عنها، وهى تعكس قليلا من الازمات الكثيرة التى يعانى منها الذين يعيشون بعيدا عن الحكم المركزى فى العاصمة.. فهل تلتفت الدولة لما يحدث بعيدا عنها، أم أنها ستكتفى بمتابعة صراع الميادين وتظاهرات الرافضين من حولها؟ وهل سيفكر حزب الحرية والعدالة فى أى خطط أخرى بخلاف خطة انتخابات «الخبز والبوتوجاز»؟ وإلى متى ستخشى المعارضة الخروج من القاهرة والوصول الى بقية شعب مصر؟ وهذه أسئلة تنتظر إجابات لا انتخابات إذا كنتم تبتغون الحق فعلا.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات