●● كنت كتبت مقالا فى الصباح الباكر من أمس عن الرياضة الحقيقية.. وكنت أتحدث فى المقال عن مشهد حضارى آخر ومكرر من العالم الآخر، وهو المباراة الجميلة لنهائى الدورى الأوروبى بين تشيلسى وبنفيكا، وكنت مستمتعا بالكتابة عن الرياضة والأشياء الحلوة والمظاهر التى ترسم البهجة والأمل فى الملاعب الأوروبية، لكنى فوجئت بأخبار عن اقتحام مقر المؤتمر الصحفى لوزير الرياضة العامرى فاروق، وشاهدت شريط فيديو لما وقع من شغب وعنف واعتداء.. وقد هالنى صرخات الفزع والخوف التى أطلقها الحضور عندما وقع هذا الاعتداء الذى يعد جريمة أخلاقية ورياضية.

●● أحمل المسئولية كاملة على من قام بالاعتداء من ألتراس وايت نايتس، وأحمل المسئولية على الأمن والدولة التى تسمح بلامبالاة مذهلة بمثل هذا الاعتدء على وزير فى الحكومة، دون إجراء رادع وحقيقى، وأحمل المسئولية على الإعلام الذى أفسد ودلل وغض النظر عن كل أحداث العنف منذ سبع سنوات خوفا أو ركوبا لموجة، وأحمل المسئولية على إدارات الأندية التى انحنت ورضخت وشحنت جماهيرها الشابة بتصريحات غير مسئولة.. أحمل المسئولية على كل من ساهم وساعد على نشر وترسيخ هذه الفوضى التى تعيشها الرياضة ويعيشها الشارع فى مصر..

●● أشعر بحزن لا يوصف، فلم يعد الغضب كافيا. الغضب يمضى سريعا، لكن الحزن يظل طويلا ويسكن القلب والعقل.. أشعر بحزن على الحال التى وصلنا إليها، وعلى العجز فى مواجهة أحداث العنف المخطط، وعلى شباب يظن أنه لن يدفع الثمن، لكنه سوف يدفعه باهظا فى المستقبل.. أشعر بالحزن على أولياء أمور فقدوا سيطرتهم على أبنائهم. وعلى أبناء يرون أنفسهم جيشا لناديهم وكنت أظنهم محبين ومشجعين لناديهم. الاعتداء والعنف ضد الغير ليس حبا ولا تشجيعا ولاهو انتماء إطلاقا..

●● وبناء عليه وبوضوح شديد إذا كانت الدولة عاجزة عن مواجهة هذه الظاهرة وهذا الانفلات، فإن الأفضل إلغاء النشاط الرياضى كله حدادا ويأسا، وإعلان إنسحاب الأندية المصرية من البطولات الإفريقية فورا، فلا فرق بين نشاط محلى مهدد وبين نشاط إفريقى لأنه مهدد أيضا كما أن القضية أصبحت تمس حياة بشر ولاعبين ومشجعين وتنبئ بكارثة قتل أخرى يمارسها من يدعون حبهم لكرة القدم ولناديهم. وهذا تحذير واضح أرسله لمن يهمه الأمر.. فالكوارث قادمة.. أكرر قادمة وسيكون فيها ضحايا وقتلى.. يقتلهم الاحتقان والفوضى والانفلات..