ابن الرئيس وجماعته - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ابن الرئيس وجماعته

نشر فى : الجمعة 17 أغسطس 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 17 أغسطس 2012 - 9:05 ص

لدينا رئيس ومؤسسة رئاسة ومتحدث رسمى وعشرات المتحدثين المتطوعين باسم الرئيس والرئاسة.. لا داعى إذن لأن نطالع تصريحات بين الحين والآخر لتصريحات ابن الرئيس الجديد بخصوص أشياء هى من صميم عمل إعلام الرئاسة.

 

وحين تتناثر شائعات كاذبة أو تنشر أخبار ملفقة عن أن أبناء الرئيس أقاموا فى استراحة رسمية مع أصدقائهم، أو أن السيدة الفاضلة زوجته تغير فى معمار القصور، أو غير ذلك من روايات يختلط فيها الخيال بالواقع، فإن المعنى بالرد هنا هو مؤسسة الرئاسة، وليس أبناء الرئيس، لأن الموضوع هنا يتجاوز كونه شأنا عائليا أو أمرا شخصيا، بل يتعلق بأعلى مؤسسات الدولة.

 

ومن هنا مطلوب من أبناء الرئيس الترشيد فى التحدث لوسائل الإعلام بعض الشىء، وإظهار صلابة أكثر فى مواجهة إغواء الإعلام وفخاخه واستدراجاته، خصوصا إذا كان الكلام يتناول مسائل من نوعية تكاليف تذاكر سفر العائلة، أو تقييما للمعالجات الإعلامية لقضايا تخص سياسات الرئيس.

 

ولسنا فى حاجة للتذكير ــ والذكرى تنفع المؤمنين ــ بأن  بداية ابنى الرئيس المخلوع كانت بمباراة كرة شراب أو كرة قدم سداسية، تبارت صحف ووسائل إعلام فى تغطيتها، والكلام عن مهارات علاء الفردية، وشراسة جمال الهجومية والدفاعية، وانتهى الأمر بأن سيطر الولدان على الملعبين السياسى والاقتصادى بشكل كامل. وللذكرى أيضا، كان الرد على كل من يفتح فمه بكلمة عن حضور ابنى الرئيس أو استحضارهما فى الحياة العامة أو فى الإعلام، أنهما شابان مصريان لا ينبغى أن نحرمهما من كل ما يتمتع به شباب مصر لمجرد أن حظهما العاثر جعلهما ابنى رئيس الجمهورية.

 

ثم تطور الأمر شيئا فى شيئا واقتحم جمال أسوار ملعب السياسة بشكل عنيف حتى استقر فى دائرة المنتصف، ممسكا بصافرة الحكم وكرة اللعب فى وقت واحد، وكان المبرر فى بداية لعبة الموت كالتالى: هل لأنه ابن رئيس الجمهورية يمنع من المشاركة فى قضايا وهموم بلده وشئونها العامة مثله مثل أى شاب فى سنه يشتغل بالسياسة ويمتلك طموحا سياسيا؟

 

وطبعا لأن المصريين طيبون ــ يا ولداه ــ فقد ابتلعوا الكلام على طريقة «وماله يا خويا» حتى أفاق الجميع على كابوس التوريث، ودوران تروس الماكينات العملاقة لفرض ابن مبارك حاكما بعد أن يزهد مبارك فى السلطة، أو يقال له كفى عند هذا الحد.

 

إن أحدا لا يستطيع أن يتهم ابن الرئيس الجديد محمد مرسى بأنه يريد أن يحاكى ابن الرئيس القديم، كما أن أحدا لا يرى فى الدكتور مرسى فرعونا آخر، غير أنه فى المقابل لن يستطيع أحد منع المخيلة المجتمعية من استدعاء الذكريات وعقد المقارنات، وأزعم أن ذلك فى صالح الرئيس الجديد وأبنائه وفى صالح مصر كلها.

 

وكما أن بقاء أبناء الرئيس خارج دائرة التحدث عن الرئاسة أمر مهم، كذلك لا يقل أهمية أن يرشد جماعة أنصار الرئيس من تصريحات وخطابات تظهرهم وكأنهم فقط رعية الرئيس، أو كأنه رئيس لهم أولا وبقية المصريين ثانيا.

 

وفى هذا يكون شيئا مروعا ومهينا للرئيس قبل أن يكون مهينا لخصومه أن يصل الأمر بأحد المفتين المتطوعين للقطع بعدم حرمانية إهدار دم المشاركين فى مظاهرات ٢٤ أغسطس ضد الدكتور مرسى، وأزعم أن فتوى كهذه لا تخدم إلا المتربصين بالرئيس وجماعته، حيث تتجاوز فى فحواها أشرس وأبشع منتجات الفاشية والمكارثية.

 

وفى السياق ذاته لا يمكن تجاهل أن ما أطلق عليها «مليونية ختم القرآن الكريم وتأييد الرئيس» فى ميدان التحرير تعبر هى الأخرى عن إحساس لدى جماعة الرئيس بأنهم منهم ولهم وحدهم، على الرغم من أن قطاعات هائلة من المصريين فرحت بقرارات الرئيس الأخيرة أكثر من جماعته، ومن هؤلاء صديقى الكاتب والمفكر القبطى واليسارى المحترم سليمان شفيق الذى قال لى مازحا تعليقا على مظاهرات ٢٤ أغسطس «أنضم للجماعة السلفية ولا أشارك فى مظاهرة يدعو لها عكاشة».

 

 

 

 

وائل قنديل كاتب صحفي