مواجهة التوافق بالتوافق - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 10:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مواجهة التوافق بالتوافق

نشر فى : الأحد 19 فبراير 2012 - 8:50 ص | آخر تحديث : الأحد 19 فبراير 2012 - 8:50 ص

هل يكفى أن يتفق المجلس العسكرى والإخوان على مرشح رئاسى حتى يصبح مرشحا توافقيا؟ الحقيقة قطعا أنه لا يكفى، يمكن أن يكون توافقيا يخص من توافقوا عليه، لكن المصريين لم ينتفضوا فى ثورة كان أهم أهدافها الحصول على حق الديمقراطية التنافسية لتتوافق قوى فى النهاية على مرشح وتقدمه كأنه شكل جديد من أشكال التزكية أو الاستفتاء.

 

لكن دعك من المبادئ المطلقة وتعال إلى منطقة المصالح، بكل تأكيد من حق العسكر والإخوان السعى خلف مرشح يقرب بينهما ولا يباعد، ويخفف هواجس كل طرف من الآخر، ويطمئن كل طرف على ما يريده فى هذه المرحلة، للإخوان طموح وللعسكر أيضا، وكلاهما يعرف أنه فى حاجة للآخر فى هذه المرحلة على الأقل، وأن القضاء على بذور الصدام أو حتى تأجيله إلى أمد هدف سياسى يستحق السعى وراءه، الإخوان لديهم رغبة فى استكمال مشروعهم، والعسكر لديهم رغبة فى عدم الخروج الكامل، فلديهم من ناحية إحساس بالوكالة عن هذه البلاد باعتبارهم أصل «الوطنية» ولديهم براجماتيا مصالح حقيقية للحماية.

 

يصلح التوافق إذن كمهدئ أو مؤجل للصدامات، وكحل وسط بين أطراف ترى أنها وحدها من تملك مبادرة الفعل فى المجتمع، وهذا يذهب بنا مباشرة إلى قوى الثورة، التى تعتقد أنها جزء رئيسى من المعادلة، وللحق تبرهن بين حين وآخر على وجودها فى الشارع بقوة وإبهار، لكنها حتى هذه اللحظة لم تبرهن على قدرتها على أن تكون رقما صعبا فى نتائج صناديق الاقتراع، وباتساع هذه القوى تجد أن بعض الأطراف الليبرالية أقرب للعسكر والإخوان، كما بعض أطراف اليسار، لكن الكتلة الباقية التى بدأت تعتبر العسكر خصما وتنقل الإخوان من مربع الثورة إلى مربع السلطة، وتعترض الآن على محاولات الطرفين التوافق، لا تبذل جهدا مناسبا وعمليا لمواجهة هذا التوافق بتوافق مضاد، رغم قدرتها مجتمعة على تحقيق توافق تمثيلى لكل المجتمع فبينها إسلاميون ديمقراطيون ينظرون للحالة المصرية الوطنية بخصوصية أكثر من الإسلاميين التقليديين، وليبراليون متصالحون مع المشروع الإسلامى الحضارى كإطار عام وليس كأيدلوجية، ويسار يشكل وقودا حركيا لهذه القوى، ولديه ذات التصالح، فإذا كان هناك «مرشح توافقى» إخوانى عسكرى، فلا يوجد مرشح توافقى منتمٍ للثورة أو مدعوم من قواها الباقية، كيف تلوم من يسعى فيما أنت تتحرك وسط مجموعات ليست موحدة، لديك مرشحان رئيسيان محسوبان على الثورة هما عبدالمنعم أبوالفتوح، وحمدين صباحى، ومرشحون محتملون يخرجون من عباءات اليسار وتحالف الثورة مستمرة وأوساط العمال والنقابات مثل أبوالعز الحريرى وخالد على، والحقيقة أن هذه القوى التى تملأ الكون ضجيجا عليها أن تحاول أن تبنى مشروعا سياسيا على الأرض لمواجهة حالة التوافق على صناعة النظام البديل الذى يمزج بين ملامح إخوانية وثقافة مباركية ومفاصل عسكرية، بتوافق مضاد على مشروع رئاسى ثورى موحد، وسط قناعة أن معركة الرئاسة ليست مثل البرلمان فى تكتيكاتها، وجميع الاحتمالات فيها مفتوحة وواردة، ولا أحد يملك نتائجها فى «الكونترول».

 

وبدون هذا التوحد ستخرج المنافسة «شكلانية» أقرب إلى انتخابات الرئاسة الأولى فى 2005، فسيكون لديك بدل مبارك «مرشح رسمى» مدعوم من السلطة «العسكر والإخوان والمتحالفون معهم»، وستبقى قوى الثورة الديمقراطية تهدر الفرص فى استغراق متكرر فى الحديث دون عمل سياسى ممنهج وقادر على المنافسة وفق قواعد اللعبة على الأقل.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات