ابن الرئيس - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 12:21 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ابن الرئيس

نشر فى : الثلاثاء 19 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 فبراير 2013 - 8:00 ص

لا أعتقد مطلقـًا أن مشكلة تعيين ابن الرئيس فى الشركة القابضة للمطارات، أنها مشكلة ابن الرئيس أو الرئيس نفسه (وإن كانت المسئولية تقع عليه فى النهاية)، وأعتقد أيضـًا أن المشكلة لم تنته بقرار ابن الرئيس بعدم استكمال أوراقه، فالمسألة برمتها تحتاج إلى وقفة طويلة لفهم ما حدث، ولماذا حدث، وكيف يمكن الحساب والعقاب عليه، حتى لا تتكرر القصة فى قادم الأيام.

 

واقعة تعيين ابن الرئيس، عبر إعلان داخلى خاص، لا يراه العامة، جريمة فى حد ذاتها، حتى لو كان القانون يسمح بذلك. الإعلان الداخلى هو إعلان صريح عن الواسطة والمحسوبية والفساد، بغض النظر عن وجود ابن الرئيس فى القائمة المرشحة لشغل الوظيفة، لأن لو ابن الرئيس لم يكن موجودًا، فهناك آخرون أبناء أو أقرباء كبار المسئولين سيفوزون بتلك الوظيفة، فى تحد صارخ لعمومية الوظائف التى تعلن عنها الدولة، ولا أكون مبالغـًا، لو قلت إن أحد أهم أسباب غضب الشباب الذى أعلن ثورته ضد النظام السابق هى تلك المحسوبية القاتلة لطموحات الشباب المتفوق والمتوق للانضمام لسوق العمل، والذى فى الغالب تسبقه سنوات كئيبة من البطالة، والإعلان العام عن طرح أى وظائف ضرورة، خاصة أن القوانين التى سنها النظام السابق كانت تؤكد على ذلك، الإعلان فى صحيفتين واسعتى الانتشار، إلى جانب إعلان واضح على موقع الحكومة الإلكترونى عبر العنوان الخاص بالعمل الحكومى.

 

ولمن لا يعلم، فإن الدستور الجديد، الذى دعا الرئيس الشعب للاستفتاء عليه، ينص صراحة على عدم التفرقة بين المواطنين على أى أساس حتى فى شغل الوظائف، أى أن هناك عوارًا دستوريـًا فى قرار التعيين، ولمن لا يعلم أيضـًا، هناك جريمة أخرى ترتكب، اسمها حصة لأبناء العاملين فى التعيينات الجديدة، وبالمناسبة هى أمور لا تدور فى الخفاء، بل وصل الأمر لشركة تابعة لوزارة الطيران أن تظاهر العاملون فيها من أجل تقنين هذه الحصة، وربما تكون قد صدرت قرارات من مجالس إدارات بعض هذه الشركات بهذا الخصوص.

 

أما المشكلة الكبرى، وهى المصيبة الحقيقية، هى ثقافة القيادات فى العمل الحكومى، التى تسعى طوال الوقت لإرضاء الرؤساء (من الوزير والمحافظ ورئيس الهيئة وحتى الرئيس) وهى الثقافة الممتدة من النظام السابق، وغالبـًا

 

 تكون سياسة الإرضاء فى تعيين الأبناء والأقرباء، فى الوظائف ذات الدخول المرتفعة (نموذج الصندوق الاجتماعى فى النظام السابق) وهنا يجب أن تكون المساءلة لرئيس الشركة القابضة للمطارات، أولاً: لفهم ما حدث، وثانيـًا: لكيفية تلاشى مثل هذه الأمور مستقبلاً. ربما تكون كلمة المساواة كلمة بسيطة وصغيرة، لكنها هى الفيصل فى تحقيق العدالة التى نادى بها الشباب ويطالب بها المجتمع منذ عقود.

 

أما السيد الرئيس فقد خانه التوفيق فى قبول تعيين ابنه، حتى لو لم يكن الأمر مخالفـًا للقانون، وحتى لو كان فى ذلك غبن للابن، وحتى لم يسع أى منهما إلى ذلك، لأن مثل هذه المناصب لها تكلفتها يا سيادة الرئيس، وأنت قبلت تحمل هذه التكلفة، بمجرد ترشحك، فليس من أمور النزاهة أن توافق المنافقين على أفعالهم فيما يبدو أنه يحقق لسيادتكم مصالح شخصية.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات