الثورة ليست شركة مساهمة - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثورة ليست شركة مساهمة

نشر فى : الأحد 19 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 19 مايو 2013 - 8:00 ص

الحكاية من الأول: المصريون قاموا بثورة على نظام مبارك، شاركت فيها كل الأطياف من الإخوانى والليبرالى والعلمانى والناصرى والمواطن العادى، ثم أكملوا طريقهم ضد ما تبقى من ظل مبارك وذيوله.

 

باختصار: تلك كانت المكونات الواضحة الشفافة للثورة، وعليه حين يقول لك أحد إنه يواصل الثورة بضم واستدعاء أتباع مبارك وأنصار ظله، قل له إن هذه ليست ثورة، ولا موجة جديدة من الثورة، ولا استمرارا لما بدأ فى يناير 2011، فهذا اسمه صراع سياسى على سلطة وحكم، ينبغى أن يظل محكوما بآليات ومنطلقات هذا الصراع، بعيدا عن استخدام اسم وشعارات ومنطلقات الثورة.

 

إن الثورة ليست ملكية خاصة لفصيل أو تيار كان من المشاركين فيه، كما أنها لا تدار بمنطق الشركات المساهمة، وبالتالى لا يملك أحد المساهمين أن يخرج آخرين، أو يتخارج منها وقتما شاء وكيفما شاء، فيمحو الثورية عن هذا ويسبغها على ذاك.

 

وحين تقرر ثورة أن تنقلب على بعض مكوناتها، أو تصنفهم كأعداء وخصوم، وتستبدل الذين قامت ضدهم بهم، فإنها بالضرورة تنقلب على نفسها وتتخلى عن جوهرها، وتخرج من كونها ثورة إلى شىء آخر.. هكذا يقول منطق الأشياء الذى يجعلك تسمع عشرات المرات فى عشرات المناسبات تعبيرات من نوعية «الموجة الثانية من الثورة» كما قيل فى الأحداث المصاحبة لمعركة الاتحادية، ثم قيل فى ذكرى 25 يناير، وها هو يقال الآن على حراك يقوم على الحشد الكمى، بما يسمح بدمج وإدخال من قامت ضدهم الثورة فى التركيبة الجديدة الغريبة.

 

وعلى ذلك ــ شئنا أم أبينا ــ فإن ما يسمى «ثورة على جزء أساسى من الثورة الأم» يصبح ثورة عكسية، وحين يتقاطع ذلك أو يتواشج أو يتجاور أو يتحالف مع الخصوم الألداء الواضحين لهذه الثورة فإننا نكون أمام تجسيد واضح للثورة المضادة.

 

وعندما يرفع بعضهم شعارات التطهير والإقصاء والقضاء على فصيل شارك فى الثورة، ويتعامل معه باعتباره استعمارا دخيلا، فهم من حيث لا يدرون يأخذون البلاد إلى آتون حروب الإبادة، فيشعلون النار فى كل بارقة أمل لانعتاق مصر من فقرها وجوعها، فيصبح القمح ــ مثلا ــ هدفا لإطلاق النار الكثيف، وتكون أخبار زيادة إنتاجه من المنغصات، بدلا من أن تكون من بواعث الفرح والتفاؤل.

 

والأمر نفسه ينطبق على مشروع تنمية قناة السويس، الذى يتحول وفق هذا المنطق السوداوى من حلم يشغل الجميع منذ حكومة كمال الجنزورى الأولى، إلى كابوس استعمارى امبريالى مخيف.

 

 إن النتيجة المباشرة للاستسلام لمنطق الكراهية العمياء وفلسفة الإقصاء والإبادة أن نشعل النار فى قمحنا وخبزنا وننشد للخراب أغنيات ثورية.

وائل قنديل كاتب صحفي