ما تيسر من سيرة ثورة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الأربعاء 29 مايو 2024 6:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما تيسر من سيرة ثورة

نشر فى : الثلاثاء 19 نوفمبر 2013 - 7:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 نوفمبر 2013 - 7:00 ص

بالرغم من أن الثورة لم يمض عليها الكثير، إلا أن الغالبية لم تهتم بتوثيق أحداثها، ولا بكتابة ما تيسر من سيرة الثورة، ولا رصد ما جرى من أحداث، ليس فقط بغرض الحساب والمحاسبة، لكن لتسجيل وقائع أهم ما شهدته مصر وأثر كثيرا فى حاضرها، وستكون هذه الوقائع هى القائد نحو المستقبل بلا شك، وربما تكون أحداث محمد محمود الأولى، التى انطلقت فى مثل هذا اليوم (١٩ نوفمبر) قبل عامين، واحدة من أهم الوقائع التى شهدتها الثورة المصرية، وساهمت فى بلورة مسيرتها، ويتفق كثيرون أن تلك الأحداث كانت بداية الاستقرار على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية، وهو الأمر الذى أكد عليه الثوار أنفسهم لاحقا فى الذكرى الأولى للثورة (٢٥ يناير ٢٠١٢) وبعدها استجاب المجلس الأعلى للقوات المسلحة لهذه الضغوط وأعلن خريطة وجدول الانتخابات الرئاسية، وللحق يجب أن نؤكد أن الأحداث التى شهدها هذا الشارع، موجة ثورية حقيقية، خافت على مستقبل الثورة، والتى كانت فى هذه اللحظات من وجهة نظر الثوار، تتبدد أهدافها وتتشتت قواها، فى مشهد دامٍ بحثت فيه القوى السياسية التقليدية عن مكاسبها عبر صراع رخيص للفوز بمقاعد مجلس الشعب.

حتى الآن، تتناثر حكايات عن سير أحداث هذا الشارع، دون أن نتمكن من أن نستمع لشهادات موثقة من أبطال الأحداث عن حقيقة ما جرى، ولماذا سقط هذا الكم الهائل من الشهداء الذين كانوا يرغبون حقا فى استكمال ثورتهم، ويخشون على ضياعها، والمؤلم أن العديد من القوى السياسية خونتهم صراحة، وتركتهم وحدهم فى الميدان لا تأبه بما يجرى لهم، ولا بسقوط الشهداء، ولا هم هبوا للدفاع عنهم، بل إن بعضهم تطاول على الشباب وسبهم، ويكون الأكثر إيلاما الآن أن تدعى هذه القوى الآن حزنها على شهداء محمد محمود وتدعو للإحتفال بذكراهم، بينما فى ذلك الوقت لم يستجيبوا لدعواتهم وذهبوا للحصول على مقاعد مجلس الشعب وكأنها مقاصد الثورة وغنيمتها، ومن يراجع كتابات تلك الأيام وبيانات جماعة الإخوان على سبيل المثال، سيعرف جيدا لماذا غضب منهم شباب الثورة، الذين أدركوا مبكرا أن الثورة تفلت من بين أيديهم فى اتجاه أهداف لم يسعوا إليها، ولم يقدموا أرواحهم من أجل مقعد فى مجلس الشعب، أو منصب كبير فى حكومة، هنا تأتى أهمية توثيق الأحداث حتى لا يستمر خداع الجماهير، ولا يتم تزوير وتزييف التاريخ.

كان الدكتور خالد فهمى أستاذ التاريخ المعروف، قد شرع بالفعل فى توثيق أحداث الثورة من أجل كتابة تاريخها، لكن مشروعه توقف، أو أن هناك من عرقله وعطله، وهذا لا يعنى أبدا أن نستسلم للفكرة، وألا نشرع فى ذلك مجددا، فهذا التاريخ ليس ملكا لنا فقط، بل هو ملك أجيال قادمة واجب علينا أن نتركه لها دقيقا حقيقيا غير منحاز ولا كاذب أو مخادع، كما عاش جيلى الذى لم يعرف حقيقة «هوجة عرابى» ولا تفاصيل ثورة ١٩١٩، وتم حشو رأسه بالأسلحة الفاسدة التى كانت سبب هزيمة الجيوش العربية فى ١٩٤٨ وضياع فلسطين التاريخية، ثم اكتشفنا أن الأسلحة الفاسدة، قصة فاسدة لا أساس لها من الصحة، وأن هناك من اخترعها، ففسد جزء غالٍ من تاريخنا، تماما كما يحدث الآن عبر محاولات تخريب وتزييف وتشويه تاريخ ثورة عشنا وقائعها وهناك من يحاول أن يقنعنا أنه بطلها ومنقذها بالرغم من أنه فعل العكس تماما.. فعلى ما يبدو أن الأسلحة الفاسدة مازالت قادرة على قتل الحقائق واغتيال التاريخ.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات