شماعة الإعلام - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 12:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شماعة الإعلام

نشر فى : الإثنين 20 فبراير 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الإثنين 20 فبراير 2012 - 9:05 ص

ذهبت اللجنة البرلمانية إلى العامرية، ثم عادت غاضبة على «الإعلام» وحملته مسئولية الأزمة، وتضامن معها كتاب ومعلقون آخرون، وقالت اللجنة إنها اكتشفت أنه لا يوجد «تهجير» حدث.

 

يبدو لك لوهلة من بيان اللجنة أن الإعلام أوجد الأزمة من العدم، رغم أن بيان اللجنة ذاته أعلن بكل فخر عن عودة 5 أسر، فما معنى عودة الأسر التى أعلنت عنها اللجنة، ألا تعنى أن تلك الأسر غادرت منازلها وديارها، هل الفرق إذن فى المصطلح تهجير أو تفريق أو إبعاد، أم أن هناك إجراء حدث متجاوزا للقانون ولقيم العدل.

 

اللجنة تتهم الإعلام وكأنه اختلق واقعة تعترف ذاتها فى سطور بيانها بأنها حدثت حتى لو حاولت أن تخفف من الكلمات وتنفى التهجير، وتعترف بالإبعاد، ثم تفخر بأنها اتفقت على إعادة 5 أسر فيما أيدت حكم اللجنة العرفية باستمرار «إبعاد أو تهجير أو تفريق» 3 أسر أخرى تشكل عائلة المتهم الرئيسى فى واقعة «مقطع الفيديو»، الذى لم يشاهده أحد ولم تستطع النيابة أن تستدل على السيدة التى قيل إنها كانت سببا فى الأزمة.

 

لكن هناك سؤالا مبدئيا يستحق أن توجهه للجنة وأعضائها من نواب يمثلون كل التيارات، لماذا ذهبتم إلى العامرية؟ هل ذهبتم لتقصى الحقيقة، أم لإعادة الاعتبار للقانون وإقامة العدل، أم ذهبتم لتشكيل لجنة «عرفية» جديدة؟

 

الحقيقة أن اللجنة مثلت درجة أخرى من درجات «المحكمة العرفية» لم تذهب لتبحث عن القانون الضائع كما هو مفترض فى لجنة تمثل البرلمان صاحب القوانين وحارسها، لم تحاول أن تصل إلى حل قانونى، لكنها بحثت خلف حل سياسى جعلها فقط «تُحسن» الشروط التى جاء عليها الحكم العرفى الأول فتعيد العائلات التى ليست طرفا فى الخصومة إلى ديارها، ثم تبقى 3 أسر خارج القرية، وهو كما قلت لك إجراء سياسى وليس قانونيا، فالقانون كما تعرف يعلق كل جريمة فى عنق مرتكبها، فلا يضار أب بجريمة ابنه، ولا تعاقب أم بخطيئة ولدها، ولا تشرد عائلة لأن أحد أفرادها سرق أو قتل أو حتى انتهك الحرمات.

 

قد تجد ما فعلته اللجنة مُرضى «سياسيا» فى واقعة العامرية تحديدا، خاصة أن الأسر الثلاث التى مازالت مبعدة ربما تجد خطورة على أمنها وسط مشاعر الاحتقان لو عادت، لكن اللجنة لم تضمن لنا على الأقل عدم تكرار ذلك، البرلمان كله لم يضمن لنا ألا تخضع مصائر الناس مستقبلا للتوافقات العرفية بعيدا عن القانون، وهو إن لم يفعل ذلك سيجد نفسه مطالب بإرسال لجنة كل فترة فى منطقة مختلفة لتصدق على الأحكام العرفية وتشرعنها الجائرة وتواصل إهدار القانون.

 

الإعلام إذن لا يصنع الفتن ولا يخلقها من العدم.. الذى يصنع الفتن هو تراخى كل مسئول عن تحمل مسئولياته، وعدم وضع المنازعات ذات الأطراف الطائفية، فى موضعها القانونى البحت الذى يجعلها أزمات شخصية، وأخطاء أفراد، يتكفل القانون بعلاجها، وليست معركة بين طوائف وخصومة بلا تمييز مع كل المغايرين فى العقيدة.

 

التغييب المتعمد للقانون هو الذى يصنع الفتنة، ويسمح باشتعالها، وما حدث فى العامرية كان «تهجيرا كما قال الإعلام.. أو تفريق كما قال البرلمان.. أو إبعاد وخروج كما قال المجلس العرفى» والثلاثة مرادفات تعكس ذات الواقع.. فلا تعلقوا كل شىء على شماعة الإعلام.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات