ما أتعجب له هو أن الذين صنعوا أكذوبة الثلاثين مليون الذين زعموا أنهم خرجوا يوم 30 يونيو لم يكتفوا بصناعة الكذبة بل صدقوها وأصبحوا يروجونها دون خجل بالليل والنهار فى وسائل الإعلام مستغفلين الشعب المصرى وشعوب العالم رغم أنها لم تكن سوى فيلم سينمائى أخرجه عضو جبهة الإنقاذ الذى سبق أن أبهر المصريين فى الانتخابات الرئاسية حينما أخرج فيلم «حمدين».
ولأن تقدير الحشود فى أى مكان فى العالم يخضع لقواعد علمية وليس لبهرجة سينمائية وأكاذيب مسرحية كما حدث فى 30 يونيو، فقد شغلت جهات كثيرة حول العالم بدراسة حقيقة الحشود من بينها «بى.بى.سى» العالمية التى استضافت خبيرة الرياضيات فى جامعة لندن كوليدج هانا فراى التى قالت إن هناك ثلاثة أساليب علمية لتحديد حجم الجمهور فى أى حدث.
إما عبر برنامج كمبيوتر أو من خلال الصورة أو من خلال الهواتف المحمولة وضربت مثالا بحفل تنصيب باراك أوباما الذى بدا عبر الصور وكأن الحضور عدة ملايين لكن الحكومة الأمريكية قدرت العدد بنحو مليون وثمانمائة ألف شخص لكن أستاذا جامعيا متخصصا فى الأحصاء قال إن عددهم لا يزيد على ثمانمائة ألف شخص.
ويتفق معها وير ديفيز مراسل شئون الشرق الأوسط فى «بى.بى.سى»، الذى قال «إن الذين خرجوا فى 30 يونيو فى ميدان التحرير لم يزيدوا على الإطلاق على الذين خرجوا إلى الميدان فى 2011، لأن الحديث عن خروج 30 أو 40 مليون مصرى يعنى أن ما يقرب من نصف المصريين خرجوا إلى الشارع وهذا مستحيل فى ظل أن خمس سكان مصر هم أطفال دون العاشرة.
ولأن جميع الخبراء أكدوا أن التقدير عبر الأقمار الأصطناعية هو الأدق فهذا ما لجأ إليه المهندس المصرى أمجد المنذر الذى أكد أنه لم يكن راضيا عن سياسة محمد مرسى أو أدائه لكن الأكاذيب التى يروجها الإعلام المصرى عن الحشود التى خرجت فى 30 يونيو جعلته يعد فيديو شرح توضيحيا عبر برنامج جوجل إيرث يزيد على عشر دقائق استخدم فيه الوسائل العلمية فى تقدير الأعداد، وعبر الحساب العلمى للبرنامج فإن مساحة ميدان التحرير لا تزيد على 50 ألف متر مربع وعلى أعلى تقدير لو وقف أربعة أشخاص فى المتر المربع فإن امتلاء الميدان عن آخره تعنى أنه لا يسع أكثر من 200 ألف شخص.
وأستطيع أن أؤكد من خلال خبرتى فى تقدير المليونيات إبان ثورة 25 يناير أن الميدان حينما كان يمتلئ عن آخره كان تقديرنا الواقعى والحقيقى أنهم لا يزيدون على 180 ألفا.
وحينما قدر مساحة الشوارع الكبرى التى تصب على الميدان مثل شارع التحرير وكوبرى قصر النيل وشارع طلعت حرب وعبدالقادر حمزة وقصر العينى وشارع ميريت وصولا لعبدالمنعم رياض فإن مساحة هذه الشوارع مع الأرصفة لا تستوعب أكثر من مائة ألف شخص، أى أن ميدان التحرير بكل الشوارع المحيطة به بامتداداتها لا يستوعب حسب أكبر مبالغة أكثر من 400 ألف شخص وإذا أضفنا 600 ألف خرجوا فى الميادين الأخرى وباقى القطر فهذا يعنى أن الذين خرجوا يوم 30 يونيو لا يزيدون على مليون شخص.
نجح مروجوا الأكاذيب والأفلام فى تحويلهم إلى 33 مليونا لتكون هذه الكذبة غطاء لحقيقة ما حدث وهو انقلاب عسكرى بغطاء شعبى وهمى، فهل سيظل صناع الأكاذيب يروجون لأكذوبة الـ30 مليونا؟