التعويض الإعلامى - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 1:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التعويض الإعلامى

نشر فى : الجمعة 22 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 22 فبراير 2013 - 8:00 ص

من أجمل ما سمعت فى الفترة الاخيرة، تعبير صكه استاذ العلوم السياسية الكبير سيف عبدالفتاح، عندما سألته عن بعض تصريحات أقطاب السياسة، وهى تصريحات مزعجة ومتناقضة مع مواقفهم السابقة ومواقف أحزابهم أو القوى التى ينتسبون إليها، فأشاح بيديه معبرا عن عدم الاكتراث، وقال هذا «فائض كلام». بصراحة أعجبنى التعبير ووجدت فيه تحليلا دقيقا لكثير مما يقال يوميا فى شئوننا السياسية، بل يكون أحيانا تفسير «فائض الكلام»، هو التفسير الوحيد لبعض ما يزايد به رجال السياسة ومن نعتقد أنهم النخبة أو الصفوة أو قادة الرأى العام.

 

وما يقصده سيف عبدالفتاح، أن هناك الكثير من الكلام لا معنى له، ولا دلالة عليه، سوى انه فائض كلام، لا يستدعى ان نبحث عن معناه أو دلالاته، او ما القصد منه، أو عن ماذا يعبر، لأنه يرى ان هذا النوع من التصريحات لا أغراض له، ولا يجب التوقف عنده، لأنه مجرد فائض كلام، وبالتالى أخذها ــ أى التحريحات ــ مأخذ الجد يربك المشهد أكثر مما يفك رموزه، وهو يدعو لتجاهل الكثير مما يثار على الساحة السياسية، حتى لو كانت القواعد تشير إلى أن الساسة يحاسبون على ما يقولون قبل أن يحاسبوا على ما يفعلون.

 

وإذا طبقنا فكرة «فائض الكلام» بأثر رجعى، سنكتشف انه كان بإمكاننا تجنب الكثير من المشكلات والأزمات والويلات التى واجهتنا بسبب تصريحات وبيانات بعض قيادات العمل السياسى، مثل بعض الازمات التى تحولت إلى صدامات بين القوى الرئيسية فى المجتمع نتج عنها بوادر الانقسام والشقاق، أو ما يعرف حاليا بالاستقطاب، ومعظم هذه التصريحات او البيانات كانت من نوعية فائض الكلام، فلو كنا تجنبناها وكأنها لم تكن لكنا ربحنا الكثير من الوقت والجهد، ولربما حصلنا اليوم على بعض التوافق، الذى صار القليل منه حلم الكثير منا.

 

وإذا كانت جماعة الإخوان صاحبة النصيب الاكبر من تصريحات وبيانات فائض الكلام (من أحمد أبوبركة وصبحى صالح، مرورا بعصام العريان والبلتاجى، وانتهاء بكارم رضوان المتألق هذه الأيام)، فهذا له ما يبرره، او ما يعرف بسياسة «التعويض الإعلامى»، وهى سياسة تنطبق على الذين حرموا لفترات طويلة من التعبير عن آرائهم فى وسائل الإعلام، فعندما تتاح لهم الفرصة، يسرفون بعض الشىء فى الظهور وتنتابهم رغبات عارمة فى التحدث للرأى العام سواء بسبب أو بغير سبب، فإذا منحنا الجماعة هذا العذر، فما هو عذر الذين اعتادوا على التحدث لوسائل الإعلام ولم يختفوا من أى ساحة كلامية، فى اى لحظة زمنية (من الصعب حصرهم وهم ينتمون لكل الأطياف السياسية، وكان حضورهم طاغيا فى كل وسائل الاعلام الرسمية وغير الرسمية والمصرية وغير المصرية)، كما أنهم ينتجون ايضا كميات لا بأس بها من فائض الكلام ويتسببون فى صنع أزمات، كنا بالفعل فى غنى عنها.

 

أعتقد أن هذه «الجريمة المجانية» التى ترتكب بسهولة ويسر منذ تنحى مبارك، آن أوان نبذها، وذمها، من كل القوى، فى ظل ما تمر به الأمة المصرية هذه الأيام من أحداث، فنحن فى أمس الحاجة للرشادة فى كل شىء، خاصة الرشادة فى التصريحات التى لا نجنى منها سوى المزيد من الاحتقان، الذى التهب لدرجة ربما يصعب علينا التغلب عليه، فعمليات الغليان والفوران تضرب بشدة فى أربعة انحاء الوطن، وأعتقد أيضا أن هذا القدر من «التعويض الإعلامى» الذى تابعناه خلال الفترة الماضية، يكفى وزيادة ــ وللأسف ــ لا نجد من يقول خيرا.. ولا نجد من يصمت!

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات