أيها الصحفيون: هكذا تغطى الصحافة المحترمة الجنائز! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 6:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أيها الصحفيون: هكذا تغطى الصحافة المحترمة الجنائز!

نشر فى : الإثنين 22 أبريل 2024 - 6:55 م | آخر تحديث : الإثنين 22 أبريل 2024 - 6:55 م

‎قضيت حياتي كلها في عشق صاحبة الجلالة.. تجرعت في كلية الإعلام – جامعة القاهرة الانتماء اللامتناهي للصحافة المصرية بتاريخها العريق الذي شارف 200 سنة قدمت على مدارها تضحيات جسام يشار لها بالبنان، وتصدرت الصفوف بنضال ضخم لأجل حرية واستقلال ورفعة هذا الوطن؛ لذلك لا يمكن وصف الألم الذي ينتابني عند تعرضها لإهانة، خصوصا ما يتعلق بالممارسة المهنية، التي صارت لا تسر عدوا أو حبيبا في السنوات الأخيرة. ومن بين هذه الممارسات التي صارت مخجلة مع إتاحة خدمات "البث الحي" موضوع تغطية جنائز (أو جنازات) الشخصيات العامة.

‎عقب اللغط الذي جرى في جنازة الفنان صلاح السعدني، وبيان نقابة المهن التمثيلية بحرمان الصحفيين من التغطية بناء على طلب الأسرة، وما تبعه من اجتماع مزمع لهذه النقابة مع نقابة الصحفيين بناء على طلب الأخيرة، وجدت أنه من الأهمية بمكان أن يساهم المرء في نقاش صحي يضع الأمور في نصابها، ومن هنا بحثت عن المعايير المهنية التي أقرتها كليات ومعاهد وجمعيات الصحافة في العالم المتقدم التي تحكم عمل الصحفي في تغطية الجنائز وتحفظ خصوصية الأسر المكلومة في أحبتها.

‎في هذا السياق وجدت الكثير من المقالات والأدلة المهنية التي نظمت بدقة عملية تغطية الجنائز، أهمها من وجهة نظري ما كتبته جمعية الإذاعة والتلفزيون والصحافة الإليكترونية الأمريكية Radio Television Digital News Association (RTDNA)، ومهمتها كما تقول عن نفسها تتمثل في تعزيز وحماية الصحافة المسؤولة.

ماذا قالت RTDNA عن تغطية الجنائز؟

قالت الجمعية الأمريكية: عندما يقوم الصحفيون بتغطية الجنائز، يجب عليهم أن يفعلوا ذلك بأعلى درجة من الحساسية والمهنية. فعلى الرغم من أن قصص الجنازات يمكن أن تكون مؤثرة للغاية، وجديرة بالنشر، ومحط اهتمام الجمهور، إلا أنها تنطوي على إمكانية كبيرة للتطفل من جانب الصحفيين على خصوصية أسرة المتوفي والتسبب في الألم لهم.

‎غالبًا ما تطلب العائلات الخصوصية ويجب أن تحظى بها في وقت حزنها. ومع ذلك، في بعض الأحيان ترغب بعض العائلات في تغطية إعلامية لجنازة أحد أفرادها حتى لا يموت المتوفى في صمت، خصوصا لو كان ذا حيثية.

‎إذا طلبت العائلة حضورك أو منحتك الإذن بالتغطية، أخبر جمهورك حتى يعرف أنك حصلت على الإذن بالتغطية.

كيف يمكن تقليل تطفل الصحفيين؟

‎قالت RTDNA في هذا الخصوص: يمكن لترتيبات الجنازة أن تقلل من عدد الصحفيين الذين يتعين عليهم التواجد داخل دار العبادة حيث مراسم الصلاة على المتوفى أو داخل دار العزاء حيث تتلقى الأسرة واجب العزاء من الأصدقاء والمعارف؛ فيمكن للأجهزة الإلكترونية، مثل تصوير الجنازة وبثها مراسمها خارج دار العبادة أو دار العزاء أن تقلل من حاجة الصحفيين إلى الدخول في أثناء المراسم. ويمكن للصحفيين أيضًا التقاط لقطات مقربة للزهور وغيرها من اللقطات المفيدة قبل وصول أي شخص إلى مقر الصلاة أو دار العزاء.

كيف يحصل الصحفي على الإذن بالتغطية؟

سؤال هام آخر طرحته الجمعية الأمريكية وأجابت عنه بقولها: عند طلب الإذن لتغطية جنازة، فكر أيها الصحفي في الاستعانة بطرف ثالث، مثل صديق للعائلة أو مدير الجنازة (هذا يوجد في الغرب)، للتواصل مع العائلة للحصول على الإذن المطلوب.
‎وهنا أقول يمكن لنقابة المهن التمثيلية أن تكون الوسيط بين الصحفيين وأسر الممثلين المتوفين على سبيل المثال.

ماذا يرتدي الصحفي في أثناء تغطية الجنازة؟

الأهم من وجهة نظري وكنت أنادي به حتى من قبل رؤية ما كتبته RTDNA هو مسألة ما يرتديه الصحفي في أثناء تغطية الجنائز، فأنا أفضل ارتداء البدلة الكاملة السوداء بالكرافت الأسود والقميص الأبيض للصحفيين، وملابس الحداد السوداء للصحفيات، فذلك قبل أن يكون احتراما وتوقيرا للحدث الحزين الذي نغطيه، هو احتراما لمهنة جليلة نحن الصحفيون حملة رسالتها، ولابد وأن نظهر في مظهر يليق بها في كل وقت وكل حين، فلا يعقل أن نغطي الجنازات بملابس "كاجول" وبألوان زاعقة وزاهية كما يحدث الآن، وذلك قريب مما ذكرته الجمعية الأمريكية بحتمية أن يرتدي الصحفيون الذين يغطون الجنائز "ملابس مناسبة للحدث الحزين".

‎وشددت كذلك على أهمية التخطيط لوصول الصحفيين مبكرًا، والبقاء حتى انتهاء المراسم.

وأضافت بأنه يجب على المصورين تقليل حركتهم الجسدية سواء في محيط دار العبادة التي تقام فيها الصلاة، أو داخل دار العزاء والحرص على القيام بعملهم بشكل غير مزعج قدر الإمكان.

كيف يمكننا أن نروي القصة بدون صور؟

إذا كانت الأسئلة السابقة متعلقة بالصحفيين الميدانيين في تغطية الجنازات، فإن كيفية رواية القصة بدون نشر صور أو مقاطع فيديو تنتهك خصوصية أسرة المتوفي هو موجه إلى إدارات التحرير والمسؤولين عن النشر في وسائل الإعلام المختلفة، وفي هذا الصدد قالت RTDNA لهؤلاء المسؤولين:

‎كن حكيماً في اختيار الصور ومقاطع الفيديو التي تعرضها والصوت الذي تستخدمه في سرد القصة. فكيف يمكنك أن تبرر مهنيا استخدام صورا وأصواتا للناس وهم يبكون أو ينهارون أو يحزنون؟!! عليك النظر في بدائل للصور المؤلمة.. فكر في سرد القصة مع تشغيل صوت التعليق على الصور الخارجية للمبنى الذي تقام فيه الصلاة أو العزاء.

‎(وأنا أضيف أننا يمكن أن نستخدم صور المتوفى في مراحل حياته المختلفة أو مقاطع فيديو لأعماله إذا كان فنانا أو سياسيا أو لاعب كرة).

‎ثم أضافت الجمعية الأمريكية قولها: يتعين عليك أن تقلل من استخدام الصفات المشحونة للغاية مثل "مأساوي، عاطفي، مؤلم، ومبكي".

‎انتهى كلام جمعية الإذاعة والتلفزيون والصحافة الإليكترونية الأمريكية، ولست بحاجة للتذكير بأن الخبر الذي يحمل عنوان: "انهيار فلانة/ فلان في جنازة أبيها/ أمها ... إلخ"، هو الخبر الرئيسي في تغطية أي جنازة لشخصية عامة في مصر، وفي ذلك أدعوك الآن لأن تكتب على جوجل مثلا عنواناً يقول: "انهيار أحمد السعدني في جنازة والده"، ستجد معظم الصحف والمواقع المصرية نشرت خبرا يحمل هذا العنوان بصور مؤلمة معبرة عن محتواه.

التعليقات