●● لا أستطيع أن أتجاهل موضوع اختطاف الجنود السبعة، وما جرى ويجرى حولها إعلاميا ورسميا.. فعلى مدى 30 أو 45 دقيقة تابعت المؤتمر الصحفى للمتحدث الرسمى للرئاسة، الذى عقده أمس الأول. كان مضمون المؤتمر اختطاف الجنود السبعة فى سيناء. وهى قضية أمن قومى، وأعمق وأخطر من مجرد حادث خطف. وتعجبت أن يطول حديث السيد المتحدث الرسمى كل تلك الفترة، بينما فى قضايا أمنية مماثلة نجد أن الرئيس أو رئيس الوزراء أو وزير الداخلية قد يتحدث ويلقى كلمة تعبر عن مشاركته العاطفية والوجدانية لأسر المختطفين. ويلمح إلى الإجراءات التى ستتخذ بما يطمئن الناس.. وحتى لو تحدث المتحدث الرسمى للبيت الأبيض أو للكرملين والدول الأخرى فإنه يلقى ببيان مختصر ويجيب على سؤالين ثم يطوى صفحة المؤتمر بعد دقائق. وفى المقابل يتفهم رجال الإعلام حساسية وخطورة الأمر فيقبلون بهذا البيان المقتضب الذى لا تطرح فيه أسئلة ولا إجابات تتعلق بخطط وتفاصيل.
●● كان الزملاء الإعلاميون يسألون عن تفاصيل، ولسان حالهم يسأل عن حقيقة المفاوضات ومن يجريها، والخطة العسكرية المحتملة وكيف سيتم التعامل مع الأزمة أمنيا ومتى تبدأ العمليات، وهذا حق مؤكد لهم وللرأى العام. لكنه ليس فى هذا التوقيت، ليس قبل، وهو مقبول خلال العمليات إن بدأت، أو عقب نهايتها.
●● إن كل أمر يتعلق بالأزمة ومحاولات حلها يعد من أسرار الدولة، والأسرار لا تطرح علنا، سواء تلميحا أو تصريحا، خاصة أن عملية اختطاف الجنود تعد قضية معقدة. فالإرهابيون لم يحتجزوا رهائن فى طائرة أو سفينة أو منزل. ولكنهم قاموا بجريمة موقعها صحراء شاسعة فيها دروب وجبال. وهذا الأمر كان يجب مراعاته فى المؤتمر الصحفى للمتحدث الرسمى للرئاسة، وقد وجدته يصبر كثيرا على أسئلة لا يجب أن تطرح فى هذا التوقيت لاسيما التى تتعلق بخطط عمليات محتملة ومخاطرها وتفاصيلها.
●● فى تلك الأزمة وفى توابعها الكاملة، كان يجب أن تتوحد كل القوى السياسية ويكون لها توجهها الواحد دون مزايدة أو خلاف أو استغلال لما يظن أنه تقصير أو خطأ حكومى أو رسمى، وكان يجب أن يتحد الإعلام ويكون له موقفه الواحد المساند ويحسب جيدا حساب التأثيرات النفسية والعاطفية على من يحاولون الحل أو يرتبون لإجراءات ومن الأشياء التى لم يحسبها الإعلام، تلك الحوارات التى جرت مع أولياء أمور الجنود المختطفين. إن جزء من المسئولية الإعلامية يرتبط بالتوقيت.
●● فى بعض الأحيان والمواقف والقضايا التى تتعلق بالأمن القومى بمفهومه الشامل والعام.. يتوارى الخلاف السياسى مهما كان عنيفا، ويتوارى السبق المهنى بجوار المسئولية الإعلامية، أعتقد أن ذلك هو الصواب.