قمح الإخوان وخبز العسكر - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 9:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قمح الإخوان وخبز العسكر

نشر فى : الأربعاء 22 أغسطس 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الأربعاء 22 أغسطس 2012 - 8:45 ص

عندما يقول المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين إن محصول القمح تضاعف ست مرات فى مصر هذا العام، فإنك لا تملك إلا الشعور بالبهجة والتفاؤل، غير أنه لا مانع من أن تملك الحق فى التساؤل: ألا توجد فى مصر وزارة زراعة ووزير من المفترض نظريا والواجب عمليا أن يكون الجهة الرسمية المخول لها الإدلاء بهذا النوع من التصريحات؟

 

المرشد العام تحدث عن تضاعف محصول القمح فى خطبة العيد بمحافظة مطروح، معتبرا ذلك نتيجة «لإصلاح شعب مصر نيته فزاده الله رزقا» وبالطبع لا أحد يكره أن ينهمر الخير العميم والرزق الوفير على مصر فى كل وقت، إلا أنه حين تطلق مثل هذه الأرقام الفلكية التى تدغدغ المشاعر لابد أن يكون ذلك مصحوبا بأدلة علمية وأرقام رسمية. وبداية فإن القمح من محاصيل الدورة الزراعية الشتوية، يزرع فى بدايات الشتاء ويحصد مع دخول الربيع، أى أن ما تحقق ــ إن كان قد تحقق فعلا ــ جاء قبل وصول الإخوان إلى قمة الحكم، وإن كان لابد من استثمار سياسى للمسألة فإن المجلس العسكرى يستطيع أن يزعم أنه صاحب هذا الإنجاز، لأنه تم خلال توليه شئون البلاد. والغريب فى الأمر أننا أمام هذا الحدث التاريخى ــ إن كان قد حدث بالفعل ــ لم نسمع أن وزارة الزراعة أقامت احتفالات ومهرجانات تليق بهذه الطفرة الزراعية المذهلة، التى تقترب من حدود الإعجاز الزراعى، ولم يخرج علينا مسئول زراعى واحد يشرح لنا أصل الحكاية وفصلها، ما يجعلها مادة صالحة للاستثمار السياسى. وواقع الأمر أن الأيام التى سبقت حصاد القمح فى أبريل الماضى شهدت صرخات واستغاثات من الفلاحين تحذر من هلاك القمح بسبب أزمة السولار.. والواقع يقول أيضا إن واحدة من أشهر المحافظات الزراعية مثل المنوفية أعلنت على لسان الدكتور «أحمد عبدالمنعم حبليزة» وكيل وزارة الزراعة انه بعد الانتهاء من توريد محصول القمح لموسم 2012، تبين حدوث زيادة بنسبة 16.71 % تقريبا فى حجم ما تم توريده. كما أن  تقرير المتابعة والحصاد والتوريد، الذى أعدته مديريات الزراعة بمختلف المحافظات  أشار إلى أن المساحة المزروعة بلغت 3 ملايين و354 ألفا و86 فدانا، بزيادة على المساحات المنزرعة العام الماضى 854 ألفا و86 فدانا، أى بنسبة ٢٤ فى المائة تقريبا، وهى زيادة لا تكفى أبدا لكى تحقق ارتفاعا بنسبة ستمائة فى المائة فى المحصول كما ذهب مرشد الإخوان.

 

وحقيقة الأمر أن الذى تغير هذا العام عن العام الماضى، ليس نية المصريين وإخلاصهم، فالفلاح المصرى ــ صاحب هذا الإنجاز حصريا ــ طوال الوقت نيته طيبة وإخلاصه لأرضه وزراعته بلا حدود، والمتغير الوحيد هذا العام هو قرار رفع مقابل توريد إردب القمح إلى ٣٨٥ جنيها، فيما كان لا يزيد سعره على ٢٤٠ جنيها فى ٢٠١٠ وثلاثمائة جنيه فى العام الماضى ما منح الزارع المصرى الإحساس بأن هناك ثمنا معقولا لتعبه وعرقه، فصار لا يفضل الاحتفاظ بالمحصول للاستهلاك المنزلى ويقوم بتوريده للجهات المختصة. وعليه فالطفرة فى حجم التوريد وليس فى الإنتاج، وهو ما يتطلب المزيد من المحفزات للزارع المصرى، ليس فى مجال القمح فقط وإنما فى كافة المحاصيل الأخرى، وساعتها يمكن أن نأمل فى أن نأكل مما تزرعه أيدينا، ونقترب من حلم الاكتفاء الذاتى من القمح، ووقتها يمكن الحديث عن تحرر الإرادة الوطنية والقرار السياسى المصرى المجرور من أمعائه.

 

ويبقى أن صاحب الفضل فيما تحقق هو الفلاح المصرى.. لا المجلس العسكرى ولا الإخوان.

وائل قنديل كاتب صحفي