أهلا بالبرادعى.. ولكن - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 5:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أهلا بالبرادعى.. ولكن

نشر فى : الأحد 23 مايو 2010 - 9:58 ص | آخر تحديث : الأحد 23 مايو 2010 - 9:58 ص

 وفقا لما هو معلن، من المفترض أن يكون الدكتور محمد البرادعى فى القاهرة اليوم، بعد فترة غياب طالت لأكثر من 45 يوما، وهبط معها مؤشر الكلام عن التغيير إلى أدنى مستوياته، الأمر الذى يجعل البعض فى مشروع البرادعى مجرد ظاهرة موسمية، ينشغل بها الجميع كلما كان فى مصر، ومع سفره المتكرر يتراجع حديث التغيير.
وأحسب أن أكثر الناس سعادة بعودة البرادعى هم الإخوة رؤساء تحرير الصحف الحكومية، حيث توفر عودته مناسبة لاستئناف أعمال القصف والقنص من فوق أسطح الجرائد، بعد أن أمضى هؤلاء فترات بيات طويلة أصيبت خلالها أسلحتهم المضحكة بالصدأ وغطاها التراب.

إذن نحن على موعد مع الشوط الثالث من مباراة البرادعى المارثونية، والتى لا يعلم أحد متى تنتهى ولا كيف، خصوصا أن مساحات الغموض فى مشروع الدكتور البرادعى لاتزال أكبر كثيرا من مساحات الوضوح، أو بتعبير بعض المقربين منه فى الجمعية الوطنية للتغيير فإن «الجزء الغاطس من الدكتور البرادعى أكبر من الجزء الظاهر»، كما قال الناشط والمحامى عصام سلطان قبل فترة.

وأظن أن هذه الحالة من «الحركة فى المكان» من شأنها أن تصيب حماس الجماهير المتعطشة للتغيير فى مقتل، حيث مضت شهور عديدة على عودة البرادعى إلى مصر، وإعلانه بدء معركة طويلة للتغيير والإصلاح، دون أن يحدث تقدم نوعى ملحوظ فى مشروعه، بل إن حالة الزخم والتفاعل فى البدايات أخذت فى الأفول والتراجع، والأخطر أن أصواتا داخل جمعية البرادعى ذاتها بدأت فيما يشبه المراجعات للفكرة والمشروع إجمالا، فضلا عما نراه يوميا من خلافات واشتباكات معلنة بين من نحسبهم معسكرا واحدا.

ولعل تكاثر الأسئلة وعلامات الاستفهام الموجهة إلى البرادعى من جمهوره دليل على أن الفكرة التى بدأت نبيلة وبراقة وجذابة لكل الحالمين بالتغيير فى حاجة إلى تحقيق اختراق ما، يحولها إلى مشروع حقيقى وجاد يتحرك على الأرض مكتسبا كل يوم مساحات جديدة، بدلا من حالة السباحة فى فضاء التصورات والنظريات، ذلك أن البرادعى لايزال يمثل تلك الفرصة النادرة للنزول بهاجس التغيير من سماء الأحلام والأشواق إلى أرض الواقع، ومعلوم بالطبع أن لكل ذلك ثمنا ينبغى أن يكون كل مطالب بالإصلاح والتغيير فى أوضاعنا الراكدة مستعدا لدفعه.

ولابد أن الدكتور البرادعى قبل أن يبدأ خطوته الأولى كان يعلم كم وحجم المتاريس والعراقيل والألغام التى ينبغى عليه اجتيازها بنجاح، ومن ثم فإنه مطالب الآن أكثر من أى وقت مضى بأن يثبت أن ما طرحه ويطرحه لم يكن من قبيل دغدغة مشاعر الأمل فى التغيير لدى غالبية قطاعات الشعب المصرى.. ولذلك فإن عليه الآن أن يحدث تغييرا فى آلياته بما يضمن ألا يشعر مؤيدوه ومنتظروه بأنهم يجرون وراء سراب.

وائل قنديل كاتب صحفي