الإطار القانونى للانتخابات الرئاسية الإيرانية - نيفين مسعد - بوابة الشروق
الثلاثاء 11 مارس 2025 7:04 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الإطار القانونى للانتخابات الرئاسية الإيرانية

نشر فى : الخميس 23 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 23 مايو 2013 - 8:00 ص

يخضع إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية لقانون خاص بها من المهم تسليط الضوء عليه، وفى الحقيقة على كل ما له صلة بالنموذج السياسى الإيرانى طالما أن إيران متدخلة بقوة فى أهم الملفات الإقليمية، وطالما أن المرشح الرئاسى على أكبر ولاياتى يعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين التى تحكم مصر بعد الثورة هى الجماعة الأقرب فكريا للنظام الإيرانى، وطالما أن وظيفة المرشد لا موضع لها إلا فى إيران ومصر. وبالتالى فأن نٌعرف بالنظام الإيرانى فإننا فى الحقيقة نُبصر بخطورة هذا النظام الذى جاء بدوره فى أعقاب ثورة.

 

●●●

 

مبدئيا لا علاقة بين الديمقراطية وبين تدخل مجلس صيانة الدستور فى اختيار مرشحى الرئاسة لأن المجلس لا يدقق فقط فى مدى توفر الشروط الموضوعية كالأهلية والجنسية والسن... الخ، لكن اختياراته تحكمها الاعتبارات السياسية بشكل واضح وصريح. وقد أغلق باب الترشيح على ٦٨٦ مرشحا، وبات فى حكم المعلوم أن المجلس سوف يستبعد ٣٠ امرأة منهم كما يحدث فى كل مرة حيث تصر النساء على أن تعبير «الرجال المتدينين السياسيين» الوارد فى شروط اختيار الرئيس بالدستور الإيرانى يسرى على كل المواطنين، بينما يصر مجلس الصيانة على أنه للرجال فقط، لكن لا النساء يتوقفن عن الترشح ولا المجلس يقبل تفسيرا آخر للمادة ١١٥. وحتى تاريخ كتابة هذا المقال لم يعرف بعد عدد من ستجاز أوراقهم من المرشحين علما بأن الانتخابات ستجرى فى ١٤ يونيو يسبقها يوم صمت انتخابى، ما يجعل المدة المتاحة للدعاية الانتخابية بالنسبة للمرشحين المقبولين لا تتجاوز ثلاثة أسابيع، وهى مدة قصيرة للغاية. وطالما تطرقنا لمسألة الدعاية الانتخابية فإنه تجدر الإشارة إلى أن قانون الانتخابات الرئاسية يشترط أن تكون كافة البرامج التلفزيونية والإذاعية التى يظهر أو يتكلم فيها المرشحون للدعاية لأنفسهم مسجلة سلفا وليست مذاعة على الهواء، وذلك ضبطا لخطاب المرشحين من المنبع. كما أن من الطريف أن هذا القانون يحظر استخدام خطبة الجمعة فى الدعاية الانتخابية، وهو ما يثير التساؤل فى دولة مؤسسة على الشرعية الدينية عن العلاقة بين الدين والسياسة.

 

تشرف على الانتخابات لجنة مركزية بتوجيه من مجلس الصيانة، إضافة إلى لجان أخرى على مستوى الأقاليم والمقاطعات، ولا تقبل إيران بالرقابة الإقليمية أو الدولية لأسباب مفهومة، كما لا يتحقق عنصر الإشراف القضائى الكامل. وكمثال فإن لجنة المقاطعة تتكون من رئيس السجل المبنى ونائب عن المدعى العام و٨ من الثقاة الذين قد يكون بينهم قاض أو أكثر إلى جانب رجال المجتمع والسياسة وعلماء الدين. هذا ويتمتع بالحق فى التصويت كل من بلغ 18 عاما علما بأنه حتى عام 2007 كان يُسمح لمن عمره 15 عاما بالتصويت. ومن المفارقة أن مجلس الشورى كان قد اقترح فى ديسمبر الماضى تحديد عمر المرشح للرئاسة بما يتراوح بين 45 و75 عاما، لكن مجلس الصيانة لم يقر هذا التعديل، الأمر الذى سمح لشخص مثل رفسنجانى يقترب من الثمانين بالترشح، بل تشير التقارير إلى أن أحد المرشحين يبلغ من العمر 87 عاما. وهكذا فإنه فى مجتمع تبلغ نسبة من تقل أعمارهم عن 15 سنة حوالى 24% من إجمالى السكان يتم رفع سن التصويت وإطلاق سن الترشيح بغير حدود.

 

●●●

 

يعدد القانون الجرائم الانتخابية ويرصد قائمة طويلة من العقوبات للتعامل معها تشمل بين ما تشمل الجلد والسجن والوقف المؤقت عن العمل وخصم ثلث المرتب، وهى عقوبات لا ندرى من أى مصدر استقاها المشرع الإيرانى، لكن هكذا هى النظم الدينية التى تهدر باسم الخصوصية اعتبارات العدالة القانونية. يذكر أن الرئيس الحالى نجاد معرض هو نفسه لتوقيع عقوبة الجلد 74 جلدة عليه بسبب ظهوره العلنى مع صهره المرشح الرئاسى إسفنديار رحيم مشائى فيما عُد ترويجا له، ولم يسأل أحد نفسه وماذا عن تصريحات رئيس الصيانة ضد الإصلاحيين قبل فرز أوراقهم، ولا عن انتقادات قامات رفيعة فى النظام ترشح مشائى للرئاسة. وفق القانون الانتخابى يتمتع الإيرانيون فى الخارج بحق التصويت مستخدمين بطاقات الهوية أو جوازات السفر. وتتشكل لجان الإشراف على التصويت بالخارج من دبلوماسيين وسياسيين فضلا عن عدد من الإيرانيين فى المهجر من المؤمنين بالجمهورية الإسلامية، وهذا يفتح الباب بالطبع أمام انتقائية تشكيل تلك اللجان بالتمييز بين المؤمن بالجمهورية الإسلامية وغير المؤمن بها. تجرى الانتخابات فى الداخل والخارج على يوم واحد ولمدة عشر ساعات قابلة للتمديد، لكن فى كل الأحوال فإن انتخابات اليوم الواحد قد لا تمكن كثيرا من الناخبين من المشاركة، هذا علما بأن القانون الانتخابى يسمح بإجراء نوعين من الانتخابات فى الوقت نفسه، وهو ما يزيد فى تضييق الحيز الزمنى المتاح للتصويت.

 

وفيما يخص الطعون فإنها ترد إلى لجان الإشراف المركزية والإقليمية فى خلال يومين تاليين على إعلان النتائج، ويخصص لفحصها يوم واحد فى اجتماع مشترك يحضره مراقبون من مجلس الصيانة، أى أنه لا آلية قضائية للتعامل مع الطعون الانتخابية. أما أكثر غرائب القانون المذكور فهو نص المادة الخامسة منه على قيام وزير الداخلية بإصدار أمر بالتخلص من بطاقات الاقتراع بعد إعلان مجلس الصيانة نتائج الطعون وتوقيع المرشد على مرسوم تنصيب الرئيس، وهذه المادة بالذات تدخل النظام فى باب المثل العربى الشائع «يكاد المريب أن يقول خذوني».

 

●●●

 

ننتظر الإعلان عن القائمة النهائية للمتنافسين على منصب الرئاسة الإيرانية وننتظر أكثر يوم الاقتراع، أكثرنا يعلم الاتجاه الذى ستسير فيه سفينة الانتخابات، لكن أحيانا تجنح السفينة إلى حيث لم يتوقع أحد، فقد حدث هذا مع خاتمى وتكرر مع نجاد فيما لم يكن يتوقع نجاحهما أحد، فهل يحدث مثل هذا فى انتخابات 2013 أم أن تعقيدات الأوضاع الإقليمية والانتقادات المتصاعدة لولاية الفقيه سوف تفرض نفسها؟.

 

 

 

أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة

نيفين مسعد أستاذة بكليّة الاقتصاد والعلوم السياسيّة جامعة القاهرة. عضو حاليّ فى المجلس القوميّ لحقوق الإنسان. شغلت سابقاً منصب وكيلة معهد البحوث والدراسات العربيّة ثمّ مديرته. وهي أيضاً عضو سابق فى المجلس القوميّ للمرأة. حائزة على درجتي الماجستير والدكتوراه من كليّة الاقتصاد والعلوم السياسيّة – جامعة القاهرة، ومتخصّصة فى فرع السياسة المقارنة وبشكلٍ أخصّ في النظم السياسيّة العربيّة. عضو اللجنة التنفيذية ومجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت. عضو لجنة الاقتصاد والعلوم السياسية بالمجلس الأعلى للثقافة. عضو الهيئة الاستشارية بمجلات المستقبل العربي والسياسة الدولية والديمقراطية
التعليقات