إنه ليس الشرق الأوسط القديم - ايان بريمر - بوابة الشروق
الإثنين 10 مارس 2025 11:08 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

إنه ليس الشرق الأوسط القديم

نشر فى : الأحد 23 سبتمبر 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : الأحد 23 سبتمبر 2012 - 8:40 ص

فى الأسبوع الماضى، أثار الرئيس أوباما ضجة ــ فى واشنطن والقاهرة ومختلف أنحاء الشرق الأوسط ــ عندما وصف النظام المصرى بقيادة الإخوان بأنه ليس حليفا ولا عدوا. وفى وقت لاحق، خففت وزارة الخارجية التصريح قليلا، ولكن البيت الأبيض كان قد أوصل رسالته: ليس لدينا مسئولية محاربة هذا الحكم أو دعمه، وحاجة قادة مصر الجديدة إلى أموالنا أكثر من حاجتنا إلى نواياهم الطيبة.

 

وأوضح البيت الأبيض مرة أخرى بتلميحه إلى أن واشنطن لن تسعى للحصول على ما تريد من خلال إنفاق المزيد من المال ولكن من خلال التهديد بوقفه أنه لن يندفع إلى أحدث الاضطرابات فى الشرق الاوسط ولكن سوف يواصل الوقوف على مسافة منها. ويمتد هذا الاتجاه نحو تخفيض المشاركة المباشرة إلى جميع أنحاء المنطقة.

 

●●●

 وطوال عدة قرون، ظل الاستقرار فى الشرق الأوسط، سواء للأسوأ أو للأفضل، يفرضه الغرباء الأوروبيون، والعثمانيون، والروس، والأمريكيون. ولكن لا يوجد أجانب الآن راغبون وقادون على تقبل التكلفة والمخاطر المصاحبة لهذا الدور. ويشعر الأمريكيون بالقلق إزاء مستوى البطالة والديون، كما تحول تركيز السياسة الخارجية الأمريكية نحو آسيا. وينشغل الأوروبيون بأزمة الثقة فى قارتهم. ولم تعد روسيا تمتلك النفوذ الدولى الذى كان يمتلكه الاتحاد السوفييتى، ويعانى الصينيون من القلق على الصين: بطء نموها الاقتصادى ومخاطر الإصلاح الداخلى.

 

ولم تسفر موجة الغضب الأخيرة المناهضة للأمريكيين فى أنحاء العالم الإسلامى، إلا عن تعميق هذا النفور من تدخل الأجانب. وكان الرئيس المصرى حسنى مبارك، قد حذر واشنطن مرارا على مدى سنوات قبل الإطاحة به، من أن البديل لحكمه الاستبدادى سيكون اجتياحا راديكاليا. والآن، هناك طوفان من الصور على وكالات الأنباء عن ذلك الكابوس بالضبط، وأضاف إليها مقتل الدبلوماسيين الأمريكيين إطارا أكثر شرا. وامتد السخط إلى تونس واليمن والسودان والعراق وغيرها.

 

 وتزيد المجازر فى سوريا من القلق. فلا يرغب أحد خارج موسكو وطهران فى دعم بشار الأسد، لكن صور الشباب الساخط فى مصر وليبيا واليمن دفعت الأجانب للتريث بشأن المعارضة السورية المنقسمة والمتطرفة جيدة التسليح. وسوف يطول هذا النزاع لفترة قادمة من دون تدخل من الخارج.

 

وباختصار، صارت الحكومات الأجنبية الآن أقل استعدادا من أى وقت مضى للمراهنة سواء على الشيطان الذى تعرفه، أو الذى لا تعرفه. والنتيجة أن يترك ترتيب الأمور للقوى المحلية. وسوف تتنافس على النفوذ تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية، وهى ثلاثة بلدان تختلف للغاية فى النظم السياسية، والبنى الاجتماعية، والرؤى العالمية والنظرة الإقليمية.

 

●●●

 

 وتقدم تركيا بالنسبة للكثيرين فى العالم العربى، دليلا على أنه يمكن لدولة ديمقراطية إسلامية بناء اقتصاد حديث نشط، مع مجتمع مفتوح نسبيا. وتعتبر إيران الدولة الثيوقراطية الوحيدة فى العالم، وهى دولة خارجة على القانون النووى الدولى، وراعية للتطرف الشيعى. ومازالت المملكة العربية السعودية مجتمعا أكثر محافظة من أى من جاراتها ذات النفوذ، كما أنها تنفق بسخاء على الترويج لمفهومها الوهابى عن الإسلام. وسوف تشكل الاحتكاكات، الناجمة عن مختلف أنواع الصراع بين هذه الدول الثلاث، المنطقة لسنوات عديدة قادمة.

 

 وسوف تحاول تركيا، التى تستورد من إيران نسبة كبيرة من احتياجات الطاقة، إبقاء العلاقات المتعثرة مع الجمهورية الإسلامية فى مسارها الصحيح، لكن مخاوف إيران من أن تقوض تركيا حكم الأسد فى سوريا، حليفها الإقليمى الرئيسى، وشكوك أنقرة فى أن طهران تساعد التطرف الكردى داخل تركيا، سوف تبقى الأمور فوق صفيح ساخن. ولدى كل من تركيا والمملكة العربية السعودية مصالح مشتركة، خاصة فيما يتعلق بالحد من نفوذ إيران الإقليمى، غير أن الدولتين تروجان لتفسيرات مختلفة عن الحداثة والإسلام. ويعتبر الصراع السعودى الإيرانى، أساسيا بالنسبة لاحتمالات الصراع الإقليمى، فى سوريا والعراق، ولبنان، وداخل كل من المجتمعين السعودى والإيرانى. وسوف تلعب الدول الأخرى، دورا مهما. ومن المتوقع أن يواصل الحكم الجديد فى مصر مساعيه للتوصل الى توازن دقيق بين استرضاء الشارع الغاضب تجاه أمريكا وحماية العلاقة مع واشنطن التى تجلب نحو 1.3 مليار دولار سنويا فى شكل مساعدات عسكرية. لكن الرئيس محمد مرسى لم يثبت أنه على مستوى هذه المهمة، مما يزيد من عدم اليقين لدى الولايات المتحدة وإسرائيل وبقية دول المنطقة. وسوف تواصل الحكومة القطرية انفاق المال لتوسيع نفوذها، لا سيما فى سوريا. وأخيرا، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تشن إسرائيل ضربات على المنشآت النووية الإيرانية هذا العام، فإن التوترات التى تولدها الخطب المتصاعدة على الجانبين تبقى الحكومات والأسواق على حافة الخطر.

 

●●●

 

فمرحبا بكم إلى الشرق الأوسط الجديد، حيث ينبغى التشكك فى الافتراضات القديمة، وتلوح أزمات جديدة. وربما يستفيد الاستقرار الإقليمى، فى الأجل الطويل، فمع إدراك الحكومات المحلية تناقص القيود على العداء بينها، سوف تضطر لتقبل مسئولية أكبر عن الأعمال الاستفزازية. لكن الطريق من هنا إلى هناك سوف يمر عبر مناطق غير مضمونة.

 

كل الحقوق محفوظة لشركة النيويورك تايمز لمبيعات الخدمات الصحفية

 

ايان بريمر رئيس مجموعة أوراسيا
التعليقات