يجب تشديد شروط المساعدات الأمريكية لمصر وليبيا - جيمس فيليبس - بوابة الشروق
الجمعة 14 مارس 2025 3:36 م القاهرة

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

يجب تشديد شروط المساعدات الأمريكية لمصر وليبيا

نشر فى : الإثنين 24 سبتمبر 2012 - 8:20 ص | آخر تحديث : الإثنين 24 سبتمبر 2012 - 8:20 ص

توشك إدارة أوباما على الانتهاء من اللمسات الأخيرة لحزمة مساعدات لمصر، من بينها إسقاط حوالى مليار دولار من ديون مصر للولايات المتحدة. هذا بالإضافة إلى مليار ونصف المليار سنويا من المساعدات الأمريكية الخارجية. لكن تراخى حكومة مصر الإسلامية الجديدة فى التصدى للمظاهرات العنيفة عند السفارة الأمريكية بالقاهرة يثير التساؤل بشأن دوافع قادة مصر الإسلاميين الجدد.

 

على الكونجرس مراقبة مفاوضات المساعدات المتواصلة مع القاهرة لضمان وفاء الشروط المحددة لأى مساعدات قادمة بتعزيز المصالح الأمريكية القومية.

 

وقد قدمت واشنطن لحكومة ليبيا الجديدة مبلغا أقل من ذلك بكثير حوالى 200 مليون دولار منذ بدء الانتفاضة فى 2011. وعلى عكس مصر، بادرت الحكومة الليبية بعرض مساعدتها الأمنية فى أعقاب الهجوم الإرهابى على القنصلية الأمريكية فى بنغازى فى 11 سبتمبر، والذى راح ضحيته أربعة من الأمريكيين. وعلى الولايات المتحدة أن تستمر فى تقديم مساعدتها المحدودة تلك طالما استمرت الحكومة الليبية فى التعاون لتأمين الدبلوماسيين الأمريكيين، ومطاردة الإرهابيين المسئولين عن هجوم بنغازى، ومنع القاعدة وغيرها من التنظيمات الإسلامية المتطرفة من تحويل البلاد إلى ملاذ آمن لها.

 

تحول مصر باتجاه الإسلام المتطرف

 

وضع الرئيس المصرى محمد مرسى، العضو القديم بجماعة الإخوان المسلمين المعادية للغرب، بلاده على مسار مزعج جديد على صعيد السياسة الخارجية منذ مجيئه إلى الحكم فى يونيو. فقد ابتعدت حكومته عن واشنطن فى الوقت الذى أعادت فيه الدفء إلى العلاقة مع الصين، وحسَّنت العلاقات مع إيران، وانتهكت اتفاق السلام الموقع مع إسرائيل. وكانت أول زيارة لمرسى خارج الشرق الأوسط إلى الصين. واستقبل الرئيس محمود أحمدى نجاد فى القمة الإسلامية التى عقدت فى السعودية بالأحضان وأصبح أول رئيس مصرى يزور إيران منذ ثورة 1979.

 

كما قوضت حكومة مرسى اتفاقية السلام التى وقعتها مصر مع إسرائيل فى 1979. فبعد هجوم الخامس من أغسطس الإرهابى الذى شنه المتشددون الإسلاميون وقتل خلاله 16 من جنود الحدود فى سيناء، نشرت القاهرة المدرعات بالقرب من الحدود الإسرائيلية، وهذا يعد انتهاكا للاتفاقية التى وقعت بوساطة أمريكية. وتحت عباءة محاربة الإرهاب، سيستخدم مرسى حملة سيناء لتدعيم موقفه السياسى داخليا، وزيادة التعاون مع حماس، الفرع الفلسطينى للإخوان المسلمين الذى يسيطر على غزة والمصمم بعناد على القضاء على إسرائيل. وقد دعا زعيم حماس، إسماعيل هنية، لزيارة القاهرة بالفعل، وخفف من القيود المفروضة على الانتقال بين غزة ومصر.

 

وقد عمقت الهجمات الأخيرة على السفارة الأمريكية بالقاهرة من قلق الولايات المتحدة من حكومة مصر الجديدة. فبرغم الإنذار المبكر بوجود خطط من جانب الإسلاميين المتشددين لتنظيم مظاهرة احتجاج فى 11 سبتمبر، تراخت قوات الأمن المصرية بطريقة تثير الريب فى التصدى للحشد الذى اجتاح مبنى السفارة، وقام بتمزيق العلم الأمريكى، ووضع بدلا منه علما أسود يشبه علم القاعدة.

 

ولم يفعل رد فعل الرئيس مرسى اللامبالى على هجوم السفارة أكثر من مضاعفة المشكلة. فبدلا من أن يستنكر الهجوم على الفور ويتخذ الإجراءات اللازمة لتعزيز الأمن حول السفارة كما فعل قادة ليبيا واليمن بعد الأحداث المماثلة التى شهدها البلدين انتظر مرسى يوما قبل أن يعبر عرضا عن إدانة هزيلة للمتظاهرين على فيسبوك. ولم يكن لأسلوب مرسى المتردد للوفاء بالتزامات مصر بحماية الدبلوماسيين الأجانب تأثير كبير فى طمأنة واشنطن أو ضمان عدم تعرض السفارة مستقبلا لشغب كهذا. والحقيقة أن مؤيديه من الإخوان المسلمين زادوا الموقف سوءا بالدعوة إلى المزيد من الاحتجاجات المعادية لأمريكا.

 

وقد تأخر الرئيس مرسى كثيرا فى تقديم وعد بحماية الدبلوماسيين الأمريكيين فى مكالمة هاتفية مع الرئيس اوباما وبيان صدر فى بروكسل. لكن تراخى مرسى فى الوفاء بالتزامات حكومته القانونية بحماية الدبلوماسيين يتطلب إرسال إشارات واضحة من جانب إدارة أوباما والكونجرس بأن التباطؤ المستمر فيما يتعلق بالتعاون الأمنى من شأنه تعريض المساعدات الخارجية الأمريكية والتعاون من أجل تخفيف ديون مصر الثقيلة للخطر.

 

جهود ليبيا المحمودة

 

تكافح حكومة ليبيا الجديدة فى سبيل الحفاظ على الأمن الداخلى والقانون والنظام فى وجه التحدى الذى تفرضه الميليشيات المستقلة. وقد سارعت بإدانة الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى وعرضت تعاونها فى القبض على الإرهابيين المسئولين عن هجوم 11 سبتمبر. وتطارد السلطات الليبية منفذى الاعتداء وألقت القبض على أربعة أشخاص. وسيكون من الخطأ وقف المساعدات عن حكومة ليبيا المشكلة حديثا فى وقت يستمر فيه تعاونها فى هذه المسألة المهمة. ولن يكون من شأن هذا الوقف إلا تعزيز أهداف الإسلاميين المتشددين الذى قاموا بالهجوم ويسعون إلى الحد من النفوذ الغربى فى بلادهم، وتقويض سلطة الحكومة، واختطاف الثورة الليبية.

 

المساعدات للحلفاء

 

تقدم الولايات المتحدة لمصر حاليا 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية وتدعم جهود مصر فى التفاوض من أجل الحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولى. يضاف إلى هذا عرض إدارة أوباما بتخفيض ديون مصر للولايات المتحدة من 3.2 مليار دولار إلى مليار واحد. ولا تزال تفاصيل تخفيض الدين فى مراحلها الأخيرة، لكن من المتوقع أن يكون هناك مزج بين المبادلات استخدام أموال خدمة الدين فى برامج محددة أخرى والإعفاء المباشر. وأشارت الإدارة إلى تغطية الصفقة بالكامل تقريبا من إعادة توجيه الأموال المتبقية من اعتمادات المساعدات الأجنبية.

 

وعلى الكونجرس ممارسة سلطاته الرقابية لتقييم حزمة المساعدات ومدى صحة الاستمرار فى تقديم المساعدات لمرسى. عليه أن يقر صفقة تخفيض الديون ويستمر فى تقديم المساعدة فقط فى حال تعهدت حكومة مصر تعهدا واضحا بالآتى:

 

●تحقيق الحماية الكاملة للمواطنين والممتلكات الأمريكية، خاصة السفارة الأمريكية وغيرها من الهيئات الدبلوماسية.

 

● الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل ووقف نشر قوات إضافية فى سيناء دون موافقة إسرائيل المسبقة.

 

● التعاون فى محاربة القاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية؛ واتباع سياسات لحماية حقوق مواطنيها، ومن بينها حرية العقيدة، والتعبير، والاجتماع، والالتزام بالقانون.

 

 وبنفس الطريقة، قدمت الولايات المتحدة حوالى 200 مليون دولار إلى ليبيا منذ الانتفاضة فى 2011، منها 89 مليون دولار فى صورة مساعدات إنسانية، و40 مليونا تخفيضات على مبيعات الأسلحة، و25 مليونا مساعدات غير قتالية من مخزون وزارة الدفاع. وتتضمن ميزانية 2012 حوالى 13 مليون دولار للمساعدات الخارجية.

 

المساعدات ليست استحقاقات

 

المساعدات الخارجية الأمريكية هى أداة لتعزيز المصالح القومية الأمريكية، وليست برنامجا مستحقا للعمل الاجتماعى الدولى. وكما أشار الرئيس اوباما فى حديثه مع Telemundo أن هناك غموضا متزايدا بشأن ما إذا كانت مصر لاتزال حليفا أم لا. ولدى واشنطن أسباب قوية لمساعدة مصر على اجتياز الانتقال الصعب إلى بلد ديمقراطى مستقر يمكن أن يكون شريكا مهما فى تحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط المضطرب، والمحافظة على السلام مع إسرائيل، ومحاربة الإرهابيين الإسلاميين، لكن يجب على الرئيس مرسى أن يتصرف كحليف. وإذا حافظت حكومة مرسى الجديدة على التزامات مصر القديمة بتحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط، وحماية الدبلوماسيين والزوار الأجانب، واحترام حقوق شعبها، فإنها تستحق حينها استمرار تدفق المساعدات الأمريكية.

 

كذلك، على واشنطن الاستمرار فى تقديم المساعدات إلى ليبيا طالما واصلت الحكومة التعاون فى توفير الأمن للدبلوماسيين الأمريكيين، ومطاردة الإرهابيين المسئولين عن هجوم بنغازى، وحرمان القاعدة وغيرها من الإسلاميين المتشددين من الحصول على ملجأ آمن على الأرض الليبية.

 

جيمس فيليبس كبير الباحثين الزملاء فى شئون الشرق الأوسط بمركز دوجلاس وسارة اليسون لدراسات السياسة الخارجية، مؤسسة هيرتيج.
التعليقات