ثورة لم تفطم بعد - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 4:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثورة لم تفطم بعد

نشر فى : الجمعة 25 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 يناير 2013 - 8:00 ص

عامان مرا على انطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولم تحقق ما كانت تصبو إليه، لم تصل الى اهدافها، لم تعلن عن نفسها، لم تر الذين قامت من اجلهم، وهم لم يروها، ثورة لم تنتج آلياتها، ولم تعرف قادتها ولم تتعرف على زعمائها، ولم تنتج تحالفاتها، ثورة ابتلعتها المرحلة الانتقالية، والالاعيب القانونية، وسذاجة ثوارها، ونقاء شبابها، وانتهازية المصالح الرخيصة.


ثورة مر عليها عامان ولم تفطم بعد، مازلت فى حاجة لمن يطعمها وقودها ويذكرها بشعاراتها ويعلن اهدافها، ثورة مازلت فى حاجة لرضاعة حقيقة ما قامت من اجله، بعد ان انحرف بها البعض عن المسار الذى هبت من اجله، ثورة لم تنتج حتى الان سوى الخوف من ذكراها، ولم تمنح الشعب سوى الرعب من المستقبل.

 

صحيح ان بعض الامور تبدلت، وفى مقدمتها ان الخوف من الحاكم ذهب بلا رجعة، وان سطوة السلطة اصبحت مجرد ذكريات وتوقفت عن تسجيل المزيد فى سجلات التاريخ، وكثير من كرامة المواطن عادت اليه، ولكن صحيح ايضا ان الثورة لم تحدث التغيير الذى وعدت به وانتظرته الجماهير بصبر جميل لكنه لم يصل حتى الان، رغم ان الثورة فى عمر الفطام.

 

الثورة حتى الان، لم تتحدث فى ما يجب ان تتحدث فيه، الثورة لم تنتج تحالفاتها من اجل تحقيق اهدافها و بلوغ احلامها، بل تحت اسمها جاءت الانقسامات وسادت الاستقطابات، وحلت الخلافات على ارض كل القوى والتيارات والفصائل، بل وانشقاقات داخل الفصيل الواحد، وللاسف كانت البداية من ائتلافات واتحادات شباب الثورة والتى زاد عددها عن قدرتنا على عدها ورصدها ومتابعة ما تقوم به.. حتى تلاشت، وعلى خطى الانقسامات سار وصار الجميع.

 

الثورات هى معجزات الشعوب من اجل التغيير، وقد قمنا بالمعجزة ودفعنا ثمنها غاليا ولم نحصد ثمارها، فحتى الان لم نصل الى عنوان الثورة «عيش..حرية..عدالة اجتماعية»، بل كانت العديد من الفرق والجماعات لا يحلو لها سوى دهس وتبديد المقطع الاخير من الشعار، فكانت شعارات العامين الماضيين «عيش..حرية..و اى حاجة تانية» وهذا تحديدا ما يجعل الثورة بلا وجود عند شعب خلق معجزته و دفع ضريبتها...ثم تحلق العدالة، بكافة اشكالها و اصنافها و انواعها، بعيدا عنه.

 

والمعجزة الان اصبحت: ان بلدا قامت فيه ثورة من اجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فلا يجد شعبها العيش، ويسجن شبابها مدنيا وعسكريا، والفقراء يزدادون فقرا والاثرياء تبدلت اسماؤهم وانتماءتهم، وازدادوا ثراء، ونظام قديم مازلت لديه القدرة والنفوذ بل والمشاركة فى الحكم احيانا.

 

نعم انها ثورة لم تحقق اهدافها.. لم تنتج قادتها.. لم تمش فى مسارها.. لم تقتص لشهدائها.. نعم انها ثورة لم تفطم.. لكنها أيضا: لم تمت بعد.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات