البابا التوافقى - أسامة سلامة - بوابة الشروق
الإثنين 5 أغسطس 2024 11:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البابا التوافقى

نشر فى : الخميس 26 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 26 أبريل 2012 - 8:00 ص

رغم السمعة السيئة لمصطلح «التوافقى» لدى معظم الفصائل السياسية.. إلا أنه يمكن أن يكون الحل الأمثل لأزمة انتخاب البابا القادم فى الكنيسة القبطية. البطريرك التوافقى.. وسيلة لوقف الحرب التى بدأت طبولها تدق وتهدد الكنيسة بأمرين كلاهما مر: الأول وقف الانتخابات بسبب اللائحة المعيبة والتى يسهل الطعن عليها لاحتوائها على نصوص تتحيز لبعض الفئات وتنتقص من قدر فئات أخرى. الثانى: إذا أجريت الانتخابات بالفعل فإن البابا القادم إذا كان من الأساقفة سيأتى مجرحا بسبب تهديد البعض بفتح ملفات هؤلاء الأساقفة حال ترشحهم وفضح مخالفاتهم.. وهو ما يعنى أن انتخاب أحدهم يجعله متهما يحمل على كتفيه عبء ادعاءات قد تكون صحيحة أو كاذبة أو بلا سند. العلمانيون ــ والتى تعنى فى المصطلحات الكنسية المسيحيين من غير رجال الدين ــ دائما كان لهم دور فى انتخابات الباباوات وعلى مر تاريخ الكنيسة اتخذوا موقفا إما لصالح اختيار بطريك بعينه أو ضده..

 

 وفى العصر الحديث كانت هناك آراء ووجهات نظر مختلفة بين رجال الدين فى الكنيسة والعلمانيين وبين هؤلاء وبعضهم البعض.. مثلا فى الانتخابات التى جاءت بالبابا شنودة على رأس الكنيسة عام 1971 جرت نقاشات واسعة حول مشروعية ترشيح الأساقفة للباباوية.. وكان هناك رأى لقطاع عريض من الأقباط من بينهم د.وليم سليمان قلادة يقول إن قانون الرسل يمنع ترشحهم لأنهم ارتبطوا بأبراشية.. والأبراشية تعنى أنه أسقف لمنطقة محددة مثل أسيوط أو دمياط أو غيرها من المناطق ومعنى انتخابه بطريركا أنه سينتقل إلى أبراشية القاهرة والإسكندرية التى يتولاها البابا وبذلك يكون قد ترك زوجته الأولى «الأبراشية» إلى زوجة أخرى وهو أمر يخالف القانون الكنسى..

 

 وتم الانتصار لرأى آخر يرى أن الأساقفة العاملين يجوز لهم الترشح لأنهم أساقفة لفكرة مثل أسقف البحث العلمى وأسقف الخدمات وبالتالى يحق له الترشح وهو ما جرت مع البابا شنودة أسقف التعليم الذى جاءت به القرعة الهيكلية بعد أن وصل إلى التصفيات النهائية. أيضا حدثت خلافات أخرى عند انتخاب البابا كيرلس بسبب لائحة الانتخاب واختلف العلمانيون أيضا مع رجال الدين وأحيانا مع السلطة عند انتخاب الباباوات يؤانس ومكاريوس ويوساب. الخلافات فى انتخابات الباباوات السابقة لم تتعد حدود الكنيسة وبعض الكتابات فى الصحف والمجلات وأغلبها مطبوعات قبطية.. إلا أن الأمر الآن يختلف فالامر يكاد يتحول إلى حرب ومجالها الفضاء الإلكترونى ومواقع الإنترنت واسعة الانتشار حيث تكونت مجموعات وجروبات تنادى بعضها بتطبيق القانون الكنسى.، وبعضها ينحاز إلى أساقفة بعينهم وفى سبيل ذلك يشنون هجوما على أساقفة منافسين وامتلأت هذه المواقع بعبارات التهديد والوعيد، حركة «الكرسى المرقسى» تنادى بتطبيق القانون الكنسى الذى يمنع أساقفة الأبراشيات من الترشيح ويتيح حسب وجهة نظرهم الأمر للأساقفة العامين ويحرضون شعب الأبراشيات على مطالبة الأساقفة إذا ترشحوا بالسماح لهم بالزواج الثانى باعتبار أن الأسقف ترك أبراشيته التى تم ترشيحه عليها وتزوج من أبراشية أخرى وهؤلاء يريدون إبعاد الأنباء بيشوى مطران دمياط والرجل القوى فى الكنيسة من الترشيح، مجموعة أخرى تسمى «البطريرك الـ 118» تدعو لعدم ترشح أى أساقفة والوقوف فى وجههم ويعلنون أن لديهم ملفات لعدد من الأساقفة سيكشفون عنها حال ترشحهم.. وهؤلاء يرفضون الأساقفة جميعا سواء كانوا عامين أو على أبراشيات ويقولون أن البابا القادم يجب أن يكون راهبا قادما من الأديرة منعزلا عن الحياة. مجموعة فاعلة أخرى أعلنت عن نفسها باسم «الأمة القبطية الجديدة» يحذرون الأنبا يؤانس الأسقف العام وسكرتير البابا شنودة لسنوات طويلة من الترشح.. ويقولون إن لديهم ما يدينه هو وأساقفة آخرون، مجموعة رابعة تدعى حركة «أقباط بلا حدود» تدشن حملة لتصحيح المفاهيم المغلوطة.. وهى ترى أن من حق الأساقفة الترشح أسوة بما يحدث فى الكنائس الأخرى مثل الكاثوليكية وكنائس روسيا واليونان وصربيا وهم ينتمون للعائلة الأرثوذكسية التى تضم الكنيسة المصرية.. وجماعة خامسة تدعو لتزكية الراهب بيشوى الأنبا بولا وسادسه تدعو لانتخاب الأنبا موسى أسقف الشباب رغم أنه أعلن رفضه للترشح وزهده فى المنافسة..

 

 هذه المجموعات تكونت رغم أن فتح باب الترشح لن يتم قبل مرور 40 يوما على وفاة البابا شنودة وهو ما يعنى أن مزيدا من المجموعات فى طريقها للتكوين وأن أنصار الأساقفة سيعلنون الحرب على بعضهم البعض. هذا الأمر الخطير والذى سيؤدى إلى تشويه صورة البابا القادم لا يقل عنه خطورة عن التهديد بوقف الانتخابات فلائحة انتخاب البابا تتيح للصحفيين جميعا الإدلاء بأصواتهم طالما كانوا أعضاء بنقابة الصحفيين وهو تمييز حرم منه باقى الطوائف المهنية مما يعنى أن إقامة دعوى قضائية قد تؤدى إلى وقف الانتخابات بجانب عيوب اللائحة الأخيرة وبها نصوص تمتلئ بالثغرات القانونية.. وهو ما قد يؤدى فى النهاية إلى وقف الانتخابات حتى يتم تعديل اللائحة وربما يحتاج هذا الأمر إلى سنوات تظل خلالها الكنيسة بلا بطريرك وهو ما حدث من قبل عندما ظلت الكنيسة ثلاث سنوات بلا بطريك بعد وفاة البابا يوساب وقبل انتخاب البابا كيرلس السادس. الأخطر أن تجرى الانتخابات فى ظل حرب التشويه التى تتم حاليا فى العالم الافتراضى.. وربما يسلم الأقباط سلاحا لأعدائهم من التيارات المتطرفة عندما يكشفوا أمامهم ملفات لا يجب أن تفتح سواء كانت حقيقة أم مزيفة.. والحل أن يتم توحيد قوى العلمانيين فى جبهة واحدة وأن يتفقوا بينهم على أساليب دعاية لا تجرح المرشحين حتى ولو كانوا على خلاف معهم والأفضل أن يتم التوافق على مرشح بعينه ويتطلب ذلك أيضا أن يتسامى بعض الأساقفة عن الترشح ويعلوا مصلحة الكنيسة على مصلحتهم الشخصية وأن يمتنع أساقفة الأبراشيات عن الترشح حتى لا يتم الطعن عليهم أمام القضاء وأن يتعالى العلمانيون الذين لن يجدوا أسماءهم ضمن قائمة الناخبين على الأمر ولا يلجأوا للقضاء لوقف الانتخابات.. الأمر يقتضى أن يطبق الجميع تعاليم المسيح وأن يعبروا عن حبهم للكنيسة فى هذا الوقت الصعب ولهذا ربما كان التوافق على مرشح هو الأنسب للظروف الحالية.

التعليقات