مصر لن ترتدى القميص الأصفر - وائل قنديل - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 10:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر لن ترتدى القميص الأصفر

نشر فى : الجمعة 25 نوفمبر 2011 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 نوفمبر 2011 - 8:00 ص

دعوت من قبل إلى تنظيف ميدان التحرير من الحشائش السامة التى ألقوها فيه، وحرسوها ورعوها لتشويه الميدان، وقد طهر الميدان نفسه بنفسه واستعاد نقاءه وبهاءه.. والآن جاء الدور على تنظيف الجماعة الوطنية من خادمات سوزان مبارك ومستشاراتها الشمطاوات وعبيد حسنى مبارك، اللاتى والذين تسللوا إلى الثورة المصرية فى أغرب عملية غسيل تاريخ حافل بالخدمة تحت أقدام الهانم والباشا.

 

هؤلاء الذين هبطوا بخفة عبر سلم الخدامين وصعدوا إلى بيت الثورة هم ألد خصومها حتى وإن أقسموا بالله جهد أيمانهم بأنهم من الثورة ومعها ومساهمون فى صنعها، هؤلاء انتقلن وانتقلوا من الخدمة فى بلاط المخلوع للخدمة لدى المجلس العسكرى، فى ميدان العباسية بعد الحصول على المراد من ميدان التحرير.

 

إن هؤلاء من أسف جبلوا على سيكولوجية الاستخدام، ومن ثم لا يطيقون العيش بدون «سيد» يتمرغون فى ترابه، ويزينون له كل ما يفعله من كوارث ومهازل، فى حين كان الموقف الأخلاقى يحتم أن يكونوا جزءا من ضمير الوطن، بدلا من أن يكونوا جزءا من آلة الكذب الحاكمة. لقد سمعت عجبا من أناس يقدمون أنفسهم على أنهم مناضلون سابقون فى الجماعة الوطنية على حمراء السيد البدوى، بعد أن تطوعوا لتشويه وتسفيه ميدان التحرير، والنفخ فى هذه الفقاعات المضحكة فى ميدان العباسية، فى لعبة عبيطة للمساواة بين الميدانين، وصولا إلى نتيجة فاسدة وباطلة مؤداها أن مصر منقسمة.

 

وللتذكرة فقط فقد شدد المجلس العسكرى وتابعوه من النخبة التى تعسكرت على أن مصر ليست ميدان التحرير، لكنهم لا يمانعون بدا فى القول بأن ميدان العباسية هو مصر، من خلال تركيز كاميرات بث عمياء البصر والبصيرة بزوايا ضيقة على المشهد فى العباسية الذى لم يتجاوز بضعة آلاف من المشحونين فى باصات الوجه البحرى بالأساس، إلى جانب «المواطنين الشرفاء» الذين يجرى استدعؤهم دوما مع كل اعتداء باطش وهمجى على شباب الثورة.

 

وحسنا فعلوا بهذه المظاهرة المضحكة، ليقارن الناس بين ملايين تقف صامدة ومثابرة تحت قصف عنيف بالغازات السامة وطلقات الخرطوش والرصاص الحى منذ أكثر من أسبوع، وبين بضعة آلاف ممن جرت تعبئتهم فى وسائل مواصلات مكيفة، ليقفوا فى ميدان العباسية تحت حماية أجهزة الأمن ورعاية فائقة من السلطة. إن أصحاب الضمائر الحية فقط بإمكانهم إجراء مقارنة موضوعية بين ملايين فى كل ميادين مصر تواجه الموت والبطش دفاعا عن عقيدة وعن وطن جدير بحياة أفضل وأرقى، وبين آلاف متواضعة تقف فى أجواء مرفهة دفاعا عن سلطة، اعتبرتهم «الشرفاء»، ورأت فى معارضيها «بلطجية ممولين من الخارج». غير أن المشهد الأكثر بؤسا أننا أمام سلطة لا تمانع أبدا فى اللعب بالنار، على طريقة العقيد المحترق على عبدالله صالح، والعقيد المذبوح معمر القذافى، وابن الأسد فى سوريا، رغم أن درس التاريخ القريب واضح وساطع ويقول بمنتهى البلاغة إنه لا أحد أقوى وأكبر من الشعب. إن مصر لن تفقد عقلها أبدا مهما حاولوا تكتيفها ورميها فى نهر الجنون.. مصر لن ترتدى القميص الأصفر أبدا، وتضيع خلف أسوار «العباسية».

وائل قنديل كاتب صحفي