البغاء الصحفى - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 9 مارس 2025 10:01 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

البغاء الصحفى

نشر فى : الإثنين 27 فبراير 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 فبراير 2012 - 8:00 ص

«وإن كان على كلمة البغاء» فى العنوان، فليس مقصودا منها سوى توصيف حالة عامة وليس إدانة لأحدهم، وما تعلقى بها إلا نزق طفولى لا أكثر ولا أقل، وهم أهل كلمة ويعرفون جيدا أننى لا أقصد تجريحا او تلويحا أو تلميحا، كما يعرفون ــ وهذا هو الأهم ــ أن اللغة العربية تبخل على الجهلاء من أمثالى ببدائل لغوية تعفى من الإسهاب والتوضيح .. فليمرروا الكلمة ولهم عند الله أجر كبير»

 

وطالب العفو فى السطور السابقة هو الزميل الصحفى والأديب أشرف عبد الشافى، والمناسبة أنه صدر له حديثا كتاب انتحارى عن دار ميريت للنشر تحت عنوان «البغاء الصحفى» وهو كتاب يتطاير الشرر من بين سطوره، وأول ما تشعر به فور الانتهاء من قراءته أنك تعرضت لخديعة كبرى من المؤلف، الذى يدعى الجهل والفقر اللغوى فى المقدمة، لكنك تكتشف وأنت تتجول بين الصفحات أنه يمتلك لغة ثرية تؤهله لمكان على خارطة الإقطاع اللغوى، بما يملك من قدرة هائلة على التشكيل والتنغيم بالكلمات.

 

وأبطال الكتاب هم فيلق الكتبة والصحفيين الذين كانوا يلعقون أحذية مبارك وابنه ورموز نظامه، ثم تحولوا بقدرة قادر إلى مناضلين وثوريين بأثر رجعى بعد لحظة التنحى مباشرة.

 

وإذا كان الكتاب يحاول أن يمارس أقصى درجات الرحمة برؤساء تحرير وكتاب النظام السابق الرسميين، فإنه يتجرد من الشفقة وهو يرصد تحولات وتبدلات وتقلبات الذين كانوا يرتدون مسوح المعارضين والمستقلين، بينما هم أكثر مباركية ممن اصطفاهم المخلوع وعينهم الوريث، ويقول منذ البداية  النظام ــ يا أصدقائى ــ لم يستمد شرعيته من هؤلاء المساكين مهنيا والمتواضعين فى الموهبة (يقصد الكتاب الحكوميين) لكنه (النظام) استقوى واستمد جبروته من عباقرة المعارضة الفنية، والمعارضة الفنية ــ أعزك الله ــ تقوم على نظرية النباح اللطيف الذى يحرس حديقة الملك من اللصوص، فراحت قوى المعارضة المتنوعة اللطيفة تكشر عن أنياب بلاستيكية وتهاجم الرئيس ونجل الرئيس وعددا من المحسوبين على النظام وفق مصالح وصفقات محددة المعالم».

 

ويبقى أن الكتاب يعتمد على لغة سينمائية مصورة، تجمع بين الدراما والتوثيق، من خلال لقطات ومشاهد سريعة، قبل وبعد سقوط مبارك، حيث تحول الأبطال من كتبة مبارك، إلى كتبة الذين تولوا مقاليد السلطة بعد خلعه، بما يجعلك تشعر أحيانا بأن معظمهم لا يكتب جديدا، بل يعود إلى أرشيفه القديم، ويحذف كلمة «مبارك» ويضع مكانها «المجلس» دون أن يكلف نفسه عناء التفكير فى كتابة مختلفة، أو حتى الوقوف أمام المرآة ليتعرف على ملامحه، أو يرى نفسه على حقيقتها.

وائل قنديل كاتب صحفي